مع اقتراب موسم حصاد القمح هذا العام يتجدد الحديث عن ماذا فعلنا وماذا يمكننا أن نفعل لخدمة هذا المحصول الاستراتيجي الهام، الذي طالما شكل خلال السنوات الماضية صمام أمان للبلاد، إضافة إلى باقي المحاصيل الزراعية الاستراتيجية وغيرها من المحاصيل والغلال.
وفي ضوء ذلك تابعت (الثورة) من خلال مكاتبها في المحافظات الاستعدادات الجارية، ونقلت مطالب الفلاحين، وملاحظاتهم، ومقترحاتهم الهامة، التي تحتاج إلى تلبية سريعة واستجابة غير متأنية من الجهات المعنية لتفادي الوقوع في أخطاء الموسم الماضي وما قبله..
ولعل أكثر ما تم التركيز عليه هو إعادة النظر بالتسعيرة المعلنة حالياً، والتي قد لا تغطي نفقات تكاليف ومستلزمات الزراعة من سماد وبذار ومحروقات وأجور فلاحة وغير ذلك..، وأكثر من ذلك فإن هذه التسعيرة قَد تُنَفِّر الفلاح وتفتح المجال واسعاً أمام السماسرة والتجار الذين يدفعون سعراً أعلى من السعر الرسمي، بما يمكنهم من وضع يدهم على جزء كبير من محصول القمح في عدد من المناطق، وهذا ما حصل في مواسم سابقة، وهنا لا يلام الفلاح الذي وجد من يعطيه سعراً أعلى لتعويض جزء من النفقات التي دفعها.
المسألة لا تحتمل الكثير من الدراسة وتشكيل اللجان وإعداد قوائم للوصول إلى سعر التكلفة وتحديد هامش الربح، خاصة إذا كنا نريد المحافظة على محصول استراتيجي بهذا الحجم وهذه الأهمية، ونسعى للتوسع به وزيادة المساحات المزروعة لمضاعفة المحصول وتأمين الاحتياطي الدائم، فالزراعة يجب أن تخرج من حسابات الربح والخسارة واعتمادها كحالة ضرورية وأساسية، ولا يجب ربطها بالظروف المرحلية أو المعطيات الحالية، والاتكاء على بدائل طارئة لا تتسم بالديمومة والاستمرار..
إن الوصول إلى حالة استقرار غذائي وضمان عدم الوقوع في مطب النقص والعجز يحتاج إلى رؤى أبعد من القول بأن هناك ما يمكن أن يعوض حالياً عن الإنتاج المحلي، والعمل بشكل استراتيجي وعلى مراحل للخروج من عنق زجاجة أزمة نقص القمح والطحين والبرغل ومشتقاته…
قديماً قالوا: “ثوب العيرة لا يدفئ، وإن أدفأ فهو لا يدوم”.. فعلينا أن نتمسك بمقولة: نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع لأنها هي الضامن الوحيد لمواجهة أي نوع من أنواع الأزمات والأكثر قدرة على تخطيها وبأقل الخسائر..