الملحق الثقافي:سعاد زاهر:
تتشابه الكلمات، وتتقاطع المقولات…وتنتهي بعد بضع كلمات…
الكاتب الياباني هاروكي موراكامي يقول « إذا كنت تقرأ فقط الكتب التي يقرأها الجميع؛ فستفكر فقط كما يفكّر الجميع..»
إن استعرناها ووضعنا بديلاً عن الكتاب، مواقع التوصل، ألا يتشابه الحال، مع فارق أن تلك الكتب حين كنا ننزوي في أركاننا نقلب أوراقاً لكتاب أبدعوا ونقلوا إلينا نتاجهم كنا ننشغل بجدل بيننا وبين ذاتنا، لا نخرج منه إلا بعد أن يغيرنا ذلك الكتاب الذي انتهينا منه للتو، ولكن أثر تغييره يبقى طويلاً.
اليوم حين تأخذنا شاشاتنا لمتابعة ضخ كلامي لبشر منهم كل يكتب من زاويته الخاصة، قسم كبير منها، لاهم له سوى الشهرة ولفت الأنظار، وليست المشكلة هنا، بل في الطريقة المتبعة، التي تسخف المهم، وتعظم التافه.
أكثر الأبعاد التي تضيع في فوضى الافتراضي، المنحى الثقافي، خاصة ونحن نعيش مع تسطيح للفكر، تنمية ذائقة تعتاد القشور، وأفكارا غير قادرة على النفاذ إلى العمق…
الشعر، الرواية، المسرح…. كلها مجالات تتواجد سواء من خلال حضور صفحات تهتم بمبدعيها، أو عبر صفحات الكتاب أو من خلال مقتطفات عنهم، ولكن كيف يتم التعاطي معها…؟.
إنها مجرد مقاطع تتداول، بضع كلمات سرعان ما ننساها، تعبر سريعاً، وقد نمررها لأصدقائنا في لحظات معينة…
مع كل هذا الانفتاح التكنولوجي انتقلنا إلى صناعة نجوم بمذاق خاص يطهى عبر مواقع التواصل، وضمن مواصفاتها الحديثة التي تهتم بالشكلي، بالعابر…هكذا نعيش مع نجوم النكتة، الموضة، الطبخ، الترويج لعائلات من نمط معين.
ولكننا نفتقد للكاتب أو الشاعر وعموماً للمبدع الحقيقي، نفتقد لنجومية يمكنها تلقائياً أن تزيح كل هذه السماجة للفيسبوك وشقيقاته، على العكس تلك المواقع ضمنت شروطها وقلما نجد أحد لا ينساق خلفها، وأفقدت الهويات الثقافية المحلية خصائصها، وأبعدت أبناء البلدان عنها…
مع الترويج لكل هذا التنميط.. ومع انجرار الآراء النقدية إلى الخلف، ستستمر كل تلك الفيديوهات والثرثرة، والتكرار اليومي بلا طائل، يغمرنا بفيضان يهدر وقتنا، دون أن نتمكن من الفكاك من هذا الإدمان المبرمج…!.
التاريخ:الثلاثاء17-5-2022
رقم العدد :1095