حكايةُ إبداعٍ لا تنتهي ؟

الملحق الثقافي: حبيب الإبراهيم :

شكّلت الفنون الإبداعيّة على اختلاف أشكالها وألوانها ومسمّياتها وسائل لا تنتهي لنشر المعرفة، والمساهمة في عملية التنوير والتطوير وبناء مداميك الثقافة وتشكيل الرأي العام وصولاً إلى إحداث تغييرات جذرية في البنى الثقافية والمجتمعية.
وعلى مرّ العصور لم ينفرد فن إبداعي بعينه في عملية المثاقفة، بل شكّل مع غيره من الفنون نهر المعرفة الذي لا ينضب، إن عملية التلاقي والانسجام والتناغم التي تتجلى في الإبداع وفي مختلف أجناسه تعطي جمالية منقطعة النظير ….شديدة التاثير …بالغة الأهمية، وضمن هذا السياق لم يعد أي فن إبداعي قادر بمفرده على صناعة الرأي وتكوين المعارف ورفد الحياة الفكرية والثقافية بمدادها الذي تستمد منه أسباب وجودها واستمراريتها…
وبما إنّ الإبداع عملية إعادة بناء الجمال سواء عبر الكلمة أو عبر الصورة فالعلاقة بينهما علاقة جدليّة، علاقة فيها من التواشج ما يضفي على المُنتج ليس هويته فقط، بل المزيد من المتعة والتأثير، ولوتوقفنا عند النص المكتوب أياً تكن هويته سواء الشعر أو الرواية أو … يبدو جافاً حاداً بلا صورة ترافقه وتعطي مؤشرات تدل بل تساهم في شرحه وفهمه وتحديد بنيته الجمالية ،وهذا نلحظه بشكل لافت في الصحافة المكتوبة أو الصحافة الالكترونية، ونادراً ما نجد مادة صحفية دونما صورة تساهم إلى حد كبير في توجيه القارىء وتشكّل عامل جذب له.
فإذا كانت الكلمة جسد الإبداع فإنّ الصورة هي روحه ونبضه، وهذا نلمسه عند المقارنة بين الرواية المكتوبة والرواية عندما تتحول إلى فيلم سينمائي أو مسلسل تلفزيوني، فلو توقفنا على سبيل المثال لا الحصر عند رواية بقايا صور للكاتب الكبير حنا مينة، فعند القراءة الأولى يكون الخيال ساحة وميداناً رحباً لتخيل الأشخاص والأمكنة وسير الأحداث، وربما يقوم القارىء بتحليل الرواية وفق منظوره الثقافي والاجتماعي، في حين عندما نشاهد الرواية ذاتها فيلماً سينمائياً فثمة حياة تضج بالأحداث والأشخاص والأسماء والعلاقات والأمكنة يكون فيها سطوة واضحة للصورة بكل حيثياتها وجمالياتها وهذا يشكل بحد ذاته مساحة واسعة للانتشار من خلال السنيما أو التلفزيون أو غيرها من وسائل الاتصال.
وإن كانت الفنون الإبداعية من أدب ٍوموسيقا ونحتٍ وزخرفة ورسم ورقص و….بمجملها تهدف إلى غرس القيم الجمالية في النفس البشريّة فإن الأدوات المستخدمة تختلف من فن إلى آخر ففي الأدب يظهر الإبداع جليّاً واضحاً في اللغة والتعبير والبلاغة و…، في حين تتجلى عبقرية الفن في الأشكال والحركات والأنغام والالوان، كل هذا التداخل والتناغم يشكل حكاية الإبداع ومساربه الطويلة التي لا تنتهي…
إنّ العلاقة الجدليّة بين المكتوب والمرئي تؤكد مرة أخرى التداخل والتناغم والتواشج بين النص والصورة، بين المكتوب والمرئي، وجمالية النص في كثير من الفنون الإبداعيّة تكمن في جمالية الصورة….
بين المكتوب والمرئي حكايةُ إبداعٍ لا تنتهي، تبدأ بالكلمة والتي تشكل أساساً للقصيدة والرواية وكل مجالات الإبداع اللغوية، ولا تنتهي مع الصورة التي تضفي نبضاً وروحاً وجمالاً يُدهش العين ويسحر القلب ويرسم الفرح على الوجوه التي تعشق الجمال وتصنعه من خلال الكلمة البديعة والصورة البهيّة.
التاريخ:الثلاثاء24-5-2022
رقم العدد :1096

آخر الأخبار
توازن في أسئلة "الانكليزية ".. وتفاوت في  آراء الطلاب مجموعات خارجة عن القانون ترتكب مجازر بحق المدنيين وأبناء العشائر بريف السويداء صالات السورية للتجارة بطريقها إلى الاستثمار في اللاذقية تزويد مستشفى الجولان بمواد طبية إسعافية عصية على الانكسار أنقرة وموسكو: الغارات الإسرائيلية على سوريا انتهاك يستهدف استقرار المنطقة معارض متكررة بلا إضافة .. هل تلبي المهرجانات طموحات المستهلكين بحلب.. ؟ استجابة لما نشرته "الثورة".. ضبط تعرفة النقل في حلب فرنسا : ندعم وحدة وسيادة سوريا " الجامعة المنتجة " بحلب .. شراكات فاعلة بين المؤسسات الأكاديمية والاقتصادية معسكرات تدريبية بين الصحة وجامعة حلب للمعهد الطبي اهتمام بالجودة والإنتاجية.. جني محصول البطاطا الإكثارية بريف حلب إدخال بيانات نتائج التعليم الأساسي في حلب الأطفال السوريون العائدون.. ومعضلة الاندماج الصامتة الابتزاز الرقمي عبر وسائل التواصل.. حين تتحول الصورة إلى سلاح "نيويورك تايمز": الإبادة الجماعية في غزة تهديد لأسس النظام الأخلاقي العالمي المرأة الريفية.. عنوان الصبر والعطاء الاحتلال الإسرائيلي يستثمر في أحداث السويداء.. ودمشق تقطع الطريق عليه بوأد الفتنة تقارير استخباراتية أميركية: الحكومة السورية غير متورطة بأي انتهاكات في السويداء عمل المرأة.. حاجة ضرورية وليس خياراً