ليس جديداً أو مفاجئاً الكلام الذي يطلقه بين الحين والآخر أصحاب الاختصاص والمهتمين عن ضرورة تدخل الجهات المعنية الفوري لتدارك التردي والتراجع الحاصل في قطاعات مهمة واستراتيجية كالزراعة بشقيها النباتي والحيواني والصناعة.
إلا أن وصول هؤلاء بناء على مؤشرات وأرقام يفرضها الواقع لمرحلة دق ناقوس الخطر بات يتطلب فعلياً العمل بآلية وأدوات وعقلية مختلفة من أصحاب القرار لفرملة التدهور والخطر المحدق بتلك القطاعات والعاملين والمستفيدين منها وبالمحصلة الاقتصاد الوطني.
فآخر ما هو مطلوب هنا السير بخطوات بطيئة “وتسكيجية ” لمعالجة ملفات مهمة بات الجميع يعلم أن تفاقم أزماتها يعود بشكل كبير لتراكم المشاكل دون حل لسنوات ولجملة القرارات الخاطئة أحياناً أو المتأخرة أحياناً أخرى في تأكيد جديد على أننا لم نتمكن من إدارة الموارد المعروف قلتها بحنكة اقتصادية يفترض وجودها لدى المعنيين عن تلك الملفات تمكنهم من استثمارها بشكل صحيح.
وحقيقة رغم أهمية ما تقدم يبقى الخطر الأكبر في الاستنزاف الحاصل بالكوادر البشرية وفي غالبية المجالات والقطاعات وفي مقدمها الكوادر الطبية وحتى المهنية والحرفية، وهنا لا ينفع أي تأخير أو تقاعس بل المطلوب تشجيع شبابنا المتعلم والمهني الذي تكبدت عليه الدولة مبالغ كبيرة على عدم التخلي عن أماكن عملهم العامة والخاصة على حد سواء وعدم الهجرة لبلاد أخرى تستفيد من علمهم وخبرتهم وحتى تميز وإبداع الكثيرين منهم في وقت أحوج ما تكون فيه البلد لهم.
حالة اتخاذ قرار التخلي والسفر الذي وصل إليه شبابنا وشاباتنا رغم سرعة اتخاذه من قبلهم إلا أنه ترافق لا شك بغصة ولو من البعض للخذلان الذي تعرضوا له نتيجة الإهمال وعدم التقدير لإمكاناتهم وقدراتهم وغياب التحفيز ولاسيما بالنسبة لمهن واختصاصات البلد بأمس الحاجة لها حتى وصلنا لمرحلة الندرة في بعض تلك الاختصاصات بالقطاع الطبي والهندسي.
واقع صعب وتحدٍّ أصعب يجب التوقف عنده ملياً من قبل المسؤولين ليس للغوص في تحليليه ومناقشته وتمحيصه وإنما للعمل الجدي على اتخاذ قرارات وإجراءات حكيمة لإيقاف نزيف فقدان كوادرنا وطاقاتنا لصالح الغير لأنهم كما يعرف الجميع عماد وأساس اقتصادنا وقوته.