تعتمد سياسات الدول على الاحترام المتبادل لسياداتها، هذا العرف الذي بني عليه تأسيس الأمم المتحدة. التي من أهدافها الحفاظ على هذه المناقبية. إلا أن الاهتزاز السياسي الذي فكك الكتلة الاشتراكية، أدى لاختطاف أميركا عصا الهيمنة على دول العالم وجعل الأمم المتحدة مكتباً لها.
الأمر الذي حدا بالدول الغربية لتكون بروتونات تدور في الفلك الأميركي، بعد دحرها من معظم الدول التي كانت تستعمرها، والتي كانت تمنحها ألقاباً باهية مثل المملكة البريطانية التي لا تغيب عنها الشمس. لكثرة الدول التي تحتلها على الكرة الأرضية.
استباقية الحرب الروسية الاضطرارية على أوكرانيا. أماطت اللثام لكشف حقيقة أن دستورها جعلها دمية تحركها أميركا ضد روسيا، ما حدا بكيسنجر ثعلب السياسة الاستعمارية العالمية والعارف ببوتين والقوة الروسية، ينصح في دافوس مؤخراً بذهاب أوكرانيا للتفاوض وتعديل دستورها، ما يجعلها دولة حيادية، وجسراً بين روسيا وأوروبا.
حرب أوكرانيا أثقلت كاهل المواطن الغربي والأميركي قبل الروسي. حين فرضت بعض دول أوروبا الحصار على روسيا تماشياً مع الأوامر الأميركية. ما أضجر مواطنيها وأرهقهم بارتفاع أسعار الوقود وتنامي الغلاء ليطول مفاصل الحياة فيما لم يعتد عليه المواطن الأوروبي.
حيث وصف السيد نيكولاي باتروشيف، سكرتير مجلس الأمن الروسي؛ الأوربيين بأنهم قساة على شعوبهم. لدورانهم في الفلك الأميركي وتبعيتهم للسياسة الأميركية. فبفرض العقوبات على روسيا عوقبت شعوبهم بالغلاء، التدهور الاقتصادي بما لا تحمد عواقبه ولن يجد الناتو حلاً له.
عندما تشكل الحلف الأطلسي الناتو كان لمواجهة الشيوعية.. فما مدعاة وجوده بعد تفكك الاتحاد السوفييتي والكتلة الاشتراكية. وضحت المدعاة الأساس بالأطماع الأميركية الطامحة لتمرير سياستها في الهيمنة على العالم أجمع وهذا ما تمارسه الآن.. بضم دول أكثر للناتو.
أميركا المتحكمة بالناتو تعمل الآن لضم السويد وفنلندا لتزيد الضغط في محاصرة روسيا. والتركي يسعى ليكون ضمن الحلف، لأن أطماع أردوغان الاستعمارية هي ذات مبدأ السياسة التي يديرها الكونغرس الأميركي، فهل تنصاع أميركا لنصيحة كيسنجر بالذهاب للمفاوضات.
النواب الأميركيون لا يعنيهم إنقاذ أوكرانيا على حساب تدمير اقتصاد بلادهم، وتخريب حياتهم. ما يوصل التضخم لأعلى مستوى منذ أربعين عاماً. فبسبب كوفيد 19 أنفقت أميركا بالعجز 5 تريليونات دولار، ما آلم الأميركيين. والكونغرس اليوم راض بزيادة آلامهم عبر التصويت على القانون الثاني خلال شهرين بثلاثة أضعاف الأول كمساعدات لأوكرانيا. علماً أنها أعطتها عام 2014 / 6 مليارات مساعدات أمنية، فكييف أكبر متلق للمساعدات العسكرية الأميركية.
ما نالته أوكرانيا خلال العقدين الأخيرين من أميركا، يزيد عما تنفقه أي دولة في العالم عسكرياً. أميركا كانت تقترض من الصين لتدعم أوكرانيا، وهو أكبر مما أنفقته على قواتها التي أرسلتها إلى أفغانستان في حرب خاسرة إلا من تدمير أفغانستان. هي تدفع لأوكرانيا لكنها لم ترسل جنوداً.
ما ينفق اليوم أميركياً على الحرب الأوكرانية؛ أكبر من ضرائب الغاز سنوياً، التي من المفترض أنها توظف لبناء الجسور وشق الطرق. الـ 60 مليار دولار التي صوت عليها الكونغرس أثارت حفيظة النواب والشارع الأميركي. ما يقزم موازنة الإنفاق على أبحاث السرطان الأكثر أهمية.
إلى أين تريد أميركا أخذ العالم بسياساتها الطموحة استعمارياً، إلى تخريب حياة الشعوب في دولها التي تفقدها الأمان. بذريعة الحفاظ على الأمن القومي الأميركي. ذريعة إفك كاذبة..
السابق
التالي