الثورة -حمص- رفاه الدروبي:
احتضنت القاعة الأثرية في كنيسة الأربعين بحمص ندوة حول المسرحي الكبير سعد الله ونوس شاركت فيها الدكتورة رشا العلي والدكتورة سلوى عدنان الحصني، رافق الندوة عرض مشهد مسرحي “يوم من زماننا” لسعد الله ونوس قدَّمها فنانو جمعية أصدقاء المسرح باللاذقية إخراج أكرم شاهين وبحضور جمهور نخبوي من مخرجي ومثقفي حمص.
بداية تحدثت الدكتورة سلوى عدنان الحصني عن أعمال سعد الله مبينة أنَّها مقدّمة للارتقاء إلى مستوى العالمية لأنَّه حاول التوازن مع العالم الداخلي والخارجي لما يحيط به من تهميش ومن ناحية الشكل هناك تحديث فيه توصيف من حيث الإضاءة في المسرح فكانت على ثلاثة مستويات، وانطلق من المعايير ليكسر الحاجز الرابع ليصبح المسرح لديه الفضاء الرحب ولم يعد المفكر وإنَّما يعبِّر بنفسه بحرية وسمح أن يستعير من الرواية بعض أدواته فتغلغل في عمق النفس البشرية نتيجة ظروف معينة وتعامل معها تعاملا موضوعيا وإنسانيا.
أمَّا الدكتورة رشا العلي فاعتبرت الجانب الإنساني ظاهرة موجودة في أغلب أعماله وأكثرها مكتوبة في فترة التسعينات وخاصة السردية منها حيث تساهل الحوار مع السرد بمسرحيات كتبت لتعرض على الخشبة أمَّا الروايات فتقرأ وأغلب أعماله أوقعت المخرجين في حيرة بين الرواية والمسرحية حول كيفية تقديمها للجمهور في المسرح.
وأشارت بأنَّ مسرحياته لا تستطيع طرق باب الحديث عنه دون النظر إلى الجانب السردي لديه بوصفه ضرورة حيث يتحول التبادل الحواري إلى سردي وترى لدى تحليلها لمسرحية “يوم من زماننا” بأنَّ المخرج تقمص دور الراوي حتى أصبح شخصية من شخصيات النص يحكي حكاية معاصرة من الزمان نفسه ودخل فيها المؤلف كي يكون شاهداً على حالة فساد المجتمع ويطرح عدة تساؤلات تدور حول إلقاء المسؤولية على عاتق من؟ والمتسبب بالفساد.
ولفتت الدكتورة رشا خلال حديثها بأنَّه عبَّر عن حالة التشتت في شخصية فاروق بمسرحية “يوم من زماننا” إنَّه حوار الذات مع نفسها وكان الهدف من طرحه لمجموعة من التساؤلات سببها تعميق صوت الآخر ويوجد السرد في المسرحية بنقطة مهمّة جداً وفي أكثر من موقع أدَّى إلى تعطيل إلزامية الحدث الأساسي مرَّات عدة وأبعد الشخصيَّة عن الانهيار الأخلاقي إلى أروقة المدرسة وهناك مسألة مفاهيمية خطيرة وتغير مصطلحات كثيرة سائدة.
بينما المخرج أكرم شاهين شدد على ضرورة الخروج عن الواقع النمطي لمسرحه وعدم إطلاق الأحكام عن سعد الله ونوس جزافاً لأنَّه اعتبر المسرح ضمير المجتمع لديه وكسر كلَّ التابوهات في مسرحية “طقوس الإشارات والتحولات” وخرج منها وقدم مسرح الإنسان ومازالت أعماله تعيش في العمق الإنساني لأنَّه يعرف أين يضع عدسته وكيف يلجأ إلى تكبيرها كي يلتقط الحدث ويسلط الضوء عليه ويفنده مبيناً بأنَّه مسرح القيم العظمى لاستشراف المستقبل.
وأنهى حديثه بمقارنة بين سعد الله ونوس وبين فرحان بلبل موضحاً بأنَّ البلبل يعتبر ظاهرة مكتملة ولها ظروفها أما سعد الله ونوس فمسرحه هو مسرح التجريب والتحويل والتغير والتشوه والسمو وليس لأحد أن يطرحه كما طرحه ونوس.