الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
نشر موقع دويتشه فيله (DW) باللغة الصينية على الإنترنت تعليقاً بعنوان “الحفاظ على الحوار النقدي مع الصين أكثر أهمية من أي وقت مضى”، المقال مليء بالكلمات المبتذلة حول ما يسمى بـ “قضايا حقوق الإنسان في شينجيانغ”، والتي لا تستحق القراءة، لكن عبارة “الحوار النقدي” في العنوان مثيرة للاهتمام، إنه في الواقع الموقف الرئيسي للولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى في التواصل مع الدول غير الغربية في السنوات الأخيرة.
هذا، في معظم الحالات، كشف غير واعٍ عن شعور النخب الأمريكية والغربية بالتفوق الداخلي، لكنهم يطرحونها الآن بوعي ويروّج لها باعتبارها “طريقة فعالة” للتعامل مع الصين، لا يمكن تفسير ذلك ببساطة من خلال “الكبرياء والتحيز”، فالدول الغربية تمارس وتعزز ما يسمى بالحوار النقدي مع الصين والذي أصبح نهجاً أو حتى سلاحاً في لعبة الغرب الاستراتيجية مع بكين، بعبارة أخرى، يحاولون إلقاء “محاضرة” تحت غطاء “الحوار”.
في التفاعلات العالمية، الخلافات شائعة، ومن الطبيعي أيضاً التعبير عن وجهات نظر مختلفة أو حتى النقد، ومع ذلك لا يمكن أن يقوم الحوار المتساوي على فرضية أن بعض القيم تتفوق على قيم أخرى، كما لا يمكن أن يكون مجرد إلقاء محاضرة من طرف واحد أو اتهام الطرف الآخر.
إن “الحوار النقدي” بين الولايات المتحدة والغرب هو تنازلي، والمنطق الضمني هو أن لديهم فقط القدرة والتأهيل والقوة لتحديد الصواب والخطأ، وهذا يعني أن أحد الأطراف قد ادعى بالفعل المكانة الأخلاقية العالية قبل أن يبدأ “الحوار”، الأمر الذي يقزم مستوى التنمية والصورة الأخلاقية للدول الأخرى.
لطالما تم نبذ الاستعمار كشيء حقير، لكن عقلية وهياكل السلطة المتمحورة حول الغرب لم تختف تماماً، لقد تم زرع الاستعمار بمهارة في جوانب مختلفة، كامنة في اللغة السياسية الغربية وأساليب الاتصال.
بعض النخب في الولايات المتحدة والغرب، مع شعور قوي بالتفوق والتميز، ينظرون إلى الدول غير الغربية على أنها مرشحة تنتظر “موافقتهم” ومع وجود مؤشرات أيديولوجية في أيديهم، صعدوا إلى المنصة للإشراف على الامتحانات، والحكم على الأوراق، ثم تصنيفها بناءً على “أداء” هذه البلدان لتحديد ما إذا كانوا قد اجتازوا الامتحان، أما معيار التهديف، فيتم رسمه من قبل الولايات المتحدة والغرب وفقاً لتشكيلاتهما التاريخية والاجتماعية، و”الوسطية الغربية”.
في نظرهم، الغرب وحده هو الصحيح والمتحضر والمتقدم، بينما من يختلف عنهم يوصف بـ “الشر” والهمجي والمتخلف. إنهم يخلقون بالقوة انقساماً بين “الحضارة” و”البربرية”.
بناءً على هذه الفرضية الخيالية، يقومون بإرفاق علامات أخلاقية على ممارسات مختلفة لدول أخرى، في محاولة لتقزيمها حتى يتمكنوا من “مهاجمة الآخرين من مكانة عالية” كما يحلو لهم، ولهذا السبب يختلقون بتهور كذبة “الإبادة الجماعية” في شينجيانغ، ويدعون بجرأة إلى “معاقبة الصين” بوسائل مختلفة، ويهددون بشكل محموم بقصف الصين “للعودة إلى العصر الحجري”.
أحياناً تكون الغطرسة نوعاً من الاستكبار، وفي بعض الأحيان، هو أيضاً نوع من الدونية العميقة. في مواجهة صعود بلدان الأسواق الناشئة، بما في ذلك الصين، أصبحت الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى غارقة بشكل متزايد. وأمام الفجوة المتضائلة بينهم وبين دول الأسواق الناشئة، عليهم الاعتماد على شعارات “حقوق الإنسان” و”الديمقراطية” للحفاظ على “مصلحتهم المطلقة”، كما أن سبب حساسيتهم الشديدة لموقفهم في الحوار هو أنهم يدركون اختفاء الميزة المطلقة التي كانوا يتمتعون بها، نتيجة لذلك، عليهم أن يسلطوا الضوء عن قصد على قوة خطابهم للحفاظ على هيكل السلطة والهيمنة.
حتى في مجالات حقوق الإنسان والديمقراطية، تتخلف الولايات المتحدة والغرب بشكل متزايد عن الركب، ويعتمدان فقط على الشعارات والمواقف لإظهار “احترامهم لذاتهم”، وهو أمر مثير للضحك لبقية العالم.
إن ثقة الغرب بالنفس آخذة في الانهيار، حيث تزداد شعبية دمقرطة العلاقات الدولية مع تزايد وعي الدول النامية بحقوقها. اليوم، إذا كان شخص ما لا يزال يرغب في الانخراط في الاستعمار والهيمنة الأيديولوجية، أو حتى تخيل قيادة البلدان الأخرى مثل الماشية، فلن يطيعهم أي بلد يتمتع بالفخر الوطني والشعور بالاستقلال.
بالعودة إلى “الحوار النقدي”، لم تكن الصين تخشى الانتقاد أبداً، لكنها تعارض بشدة الهيمنة، لقد تغير الزمن، وعلى النخب الأمريكية والغربية أن تتعلم كيف تكون متساوية ومحترمة، الحوار ضروري ونرحب بـ “الحوار البناء” لكننا نرفض “الحوار النقدي”، نود أيضاً أن نذكّر بأن التنازل أمر خطير، لأنه كلما ابتعدت عن الأرض، زادت صعوبة السقوط.
المصدر: Global Times