الثورة – حلب – سهى درويش:
تجارة الأمبيرات الرابحة – والتي فرضتها الحرب الإرهابية على مدينة حلب نتيجة غياب التيار الكهربائي – أصبحت واقعاً لا مفر منه مع ساعات التقنين الطويلة، وغياب برنامج زمني عن المناطق السكنية يحدد توقيت توفرها .
وهذه التجارة لاقت صداها في عدد من المحافظات لتصبح تجربة يمكن تعميمها ، إلا أن هذا الواقع بات يتعثر بغلاء أجور هذه الخدمة، والمواطن يئن من الارتفاع المستمر لسعر الأمبير ، والمطالبة مستمرة لوجود حلول بديلة تخفف من الفاقد المادي الذي استنزف جيوب ذوي الدخل المحدود.
بورصة الأمبير
في استطلاع لآراء المواطنين حول واقع الكهرباء والأمبير ،كانت تتركز على ضرورة إيجاد حلول بديلة أكثر نجاعة، حيث رأى ” أحمد ” وهو موظف أن توفير الكهرباء ولو لساعات محدودة بتوقيت ثابت يخفف من الحاجة للأمبير، وهو يقطن في الأحياء الشرقية والتي لا نور فيها إلا من المولدة و التي يتحكم بتسعيرة خدمتها واقع توفر مادة المازوت، حيث يتراوح وسطيا سعر الأمبير الواحد لساعات تشغيل مسائية من الرابعة ظهرا حتى الثانية عشرة ليلا بين 13 – 15 ألف ليرة أما الصباحي فيرتفع سعرها ليصل إلى نحو / 20 / ألف ليرة.
أما في الأحياء الأخرى فلم يكن حالها بالأفضل ، فالكهرباء شحيحة والأمبير ضرورة ، والاستغناء عنه حرمان من النور على حد قول السيدة “نجلاء” وهي معلمة وترى أن الأمبير على غلاء سعره يلبي الحاجة في قضاء الكثير من الاحتياجات .
وعلى المقلب الآخر يرى المهندس نجيب أنه من الضروري إيجاد حل لهذه المشكلة وربما لو كانت للقطاع الحكومي كانت أكثر التزاما وتنظيما ،فليس من المنطق أن يبقى القطاع الخاص يتحكم بواقع الأمبير دون رقابة مجدية.
وفي استطلاع عن أسعار الأمبير حالياً في بعض الأحياء كان في حي الأشرفية المسائي بين /١١و١٣/ ألف ليرة والصباحي/١٤الى١٦/ ألفا أسبوعيا.. أما السريان والموكامبو ومركز المدينة والأسواق فكانت أسعارها مابين /١٢و١٥/ ألف ليرة مساءً وبين /١٧ و٢٠/ ألف ليرة للصباحي.
تأمين المادة يفرض سعرها..
أمام مالحظناه من تزايد متواتر لسعر الأمبيرات جعلنا نتوقف عند أصحاب هذه التجارة ،حيث المبررات التي قدمها أصحاب المولدات كانت تتمحور حول عدم توفر المازوت بالسعر النظامي ما يضطرهم لشرائه بطرقهم الخاصة وبسعر مرتفع من السوق السوداء على حد زعمهم.
ولم تنته شكواهم من غلاء المادة ،حيث يترتب عليهم سعر صيانة المولدة وأعطالها وقطع تبديلها التي ترتفع أسعارها شهرياً.
ضبوط التجارة الداخلية
وفق الشكاوى الحاجة لوجود هذه الظاهرة تجعل من ضبطها أمراً مربكاً، فوجودها ضمن الاستثناء وتلبية الغرض منها جعلها واقع حال ،ومن أعداد بسيطة لا تتجاوز المئات في الأحياء تحولت لتجارة رابحة ، حيث بلغ عددها وفق إحصائيات مجلس مدينة حلب /١٣٠٠/ مولدة . ومديرية التجارة الداخلية تضبط الأمبيرات وفق الشكاوى التي ترد عليها وتنظّم الضبوط وفق المرسوم رقم/٨/ ،ووفق ما يصدر عن مجلس المحافظة من قرارات لتنظيم العمل بها.
أما مجلس المدينة فمهمته تقتصر على مكان الأشغال والنظافة والرسوم، ومعالجة الشكاوى المتعلقة بالضجيج والتلوث.
المليارات تهدر والمواطن ضحية الأمبير على الرغم من حله لمشكلة التعويض عن الكهرباء ،إلا أنه يلقى الاحتجاج من غلاء سعر الخدمة التي أرهقت جيوب المواطنين ذوي الدخل الحدود ،فمبلغ الخمسين ألف ليرة التي تقتطع شهريا لأمبير واحد لا يكفي إلا لإنارة متواضعة تحسم من مصروف منزل محدودي الدخل ، والطامة الكبرى في كميات المازوت المهدرة على الأمبيرات في ظل غيابها بفصل الشتاء لأغراض التدفئة المنزلية إلا بحدود خمسين ليترا لا تكفي لأيام البرد القارس.
وتبقى الشكوى من ارتفاع سعر الأمبيرات لسان حال المواطن ومع كل حديث خدمي ، حتى استغنى البعض عنها بالطاقة البديلة ، ومنهم من اكتفى بالساعات الكهربائية الشحيحة ، ومنهم من رضي بالواقع.
ولكن يبقى السؤال : لماذا لم تجد هذه الخدمة المعالجة والحل من الجهات المعنية التي تُرضي كافة الأطراف ؟ وإلى متى تبقى مليارات هذه التجارة تذهب إلى جيوب البعض المستفيد وتؤثر على الواقع الاقتصادي؟ بانتظار بصيص نور ينهي العتمة.
تصوير : خالد صابوني