كما أغلبية الاجتماعات التي تعقد مع الجهات التابعة لأي وزارة تعتمد صياغة مكررة تكاد تتطابق مع مخرجات اجتماعات سابقة ربما عقدت قبل سنوات باختلاف التاريخ وتتصدر المحضر النهائي لها مصطلحات المطالبات والتأكيدات والتوجيهات لإنقاذ هذا القطاع أو ذاك من واقعه المتراجع وصعوباته.
ورغم حالة التجهم والجدية التي تعتلي وجه المسؤول بتخاطبه مع القائمين على تلك القطاعات وعلمه المسبق بأن معالجة ما يعوق حركتها وعودة دوران آلاتها لا تكون أبداً بالكلام وإنما بالمتابعة الدورية لما طلب وتنفيذه فعلاً على الأرض مترافقاً مع سلسلة قرارات تسهل العمل والمحاسبة لاحقاً للتقصير إلا أن غلة كل ذلك تكاد لا تذكر والدليل ليس فقط استمرار حالة التردي التي تعيشها مختلف الشركات والمنشآت العامة لا بل تفاقمها في كثير من الأحيان.
وتبدو المشكلة أكثر تأثيراً عندما يتم التعامل بسياسة البت البطيء مع أزمات وصعوبات قطاعات إنتاجية هامة عودة منتجاتها ضرورية جداً لرفد السوق المحلية باحتياجاتها منها والتقليل قدر الإمكان من خيار التوجه الدائم نحو الاستيراد مع كل ما يرافقه من استنزاف للقطع الأجنبي.
وانطلاقاً مما تقدم ليس مقبولاً أبداً أن يتم التعامل مع إحدى أهم مؤسسات القطاع العام الصناعي التي تواجه ولا تزال أزمات حقيقية بعضها مرتبط بتبعات الحرب التي فرضت على بلدنا وبعضها الأكثر مرتبط بسوء إدارة وتعامل مع صعوبات إنتاجية عديدة تبدأ من تأمين المادة الأولية انتهاء بالتسويق بالآلية والسياسة العقيمة السابقة نفسها التي تغرق في النقاش والتشخيص لواقع معروف وواضح من دون إيجاد حلول مستدامة وفاعلة تضمن عودة الإنتاج بوتيرة تصاعدية.
نموذج القطاع العام الصناعي والتسكيج المتبع في معالجة أزماته ومشاكله ومعوقاته يمكن أن يساق على أغلبية القطاعات الاخرى، لذلك يواجه المواطن تبعات عدم الحل النهائي في أزمات تعاد بالسيناريو نفسه بين فترة وأخرى ومع كل ما يبذل من جهود على المستوى الخارجي لتأمين مواد أساسية لم يعد مسموحاً فعلاً التعامل على مستوى الإدارات بتلك السياسة المجتزأة بالحلول لأنها تعيدنا لنقطة البداية في ظهور أزمات اقتصادية ومعيشية.