سفر الختام … الإصحاح الثاني عشر البراري من دون عالمها قفار …

 

أذكر يوماً جئت هذه البراري وكنت صغيراً.. وأذكر سحراً أودعته فيها كنت أقصده لأتزود منه جمال المعرفة الحية المباشرة .. تنويعة الحياة البرية تجعلك عاشقاً من دون أن تدري .. لكنك ستدري عندما تفقد المعشوقة أو تكاد..

لا رفة طيور الحجل ستعيدك إلى العالم الذي فقدت ولا مساحات السوسن والبربهان والبنفسج .. ولا قفزات الأرانب .. وعواء الثعالب ..

البراري تغادر عوالمها ..

عالمها كانت تملؤه الحياة .. نباتات وشجيرات وأزهار وعطر وحيوانات صغيرة وكبيرة وطيور منوعة مختلفة.. فيها القاتل المفترس وفيها القتيل المصطاد .. البراري ..منها حراج ومنها مراعٍٍ ومروج .. وتخالط جفناتها أشجار نفدت من فؤوس الحطابين فأضحت مشروع غابات.. لكن العدوان المستمر عليها لن يترك شجرة تكبر ولا شجيرة تزهر ولا مرجاً يزهر ..

منذ أن سادت سمعتها الطيبة ورائحتها العطرة .. وقالوا عن فوائد لها للصحة ومكافحة الأمراض ..وزادت الحاجة وانتشر العوز .. قصدتها الأيدي العابثة .. ومضت في نتفها كأن لها معها تارات..

هذا يحصد زوفا وذاك يجمع الزعتر البري.. وثالث يقمع شجيرات البطم والغار .. ورابع يجمع من كل نوع وصنف .. لا يسع المقام هنا لتدوين كل مجالات الغزو والاصطياد .. فالبراري غنية كانت وتشهد الانحسار ..والغزاة طماعون طامعون ولا حارس ولا حماة .. ولشدة معاناتها هجرتها الطيور وكلاب البراري والثعالب وبنات آوى .. وعدّد ..عدّد .

إنها تمضي بخطىً متسارعة لتكون البلد القفار .. وقد كانت جنان الطبيعة العذبة الصادقة..

دعوتك يا كليب فلم تجبني

فكيف تجيبني البلد القفار

كان الزير سالم يودع بالحزن المرير خيال أخيه .. مثلما وجدت البراري تلوح لي بالوداع .. ذاهبة إلى القفار ..

في مشاويرنا الأولى كنا نكتفي بالتعرف والتعارف والاستماع والشم .. والتذوق من قريبه و لا شيء آخر .. واليوم والحالة فقر وعذاب .. لا وقت للصداقة أبداً .. كلهم للبراري أعداء .. والتعدي بأبشع صوره .. داء القرم أصاب الجميع .. والأرض الحزينة تبكي براريها وما حوت .. وتبكي فقر المعتدين الذين دفعهم الجوع لغزوها .. ولا معين و لا منصف .. و لا ” داعم ” ..

اليوم .. تماماً اليوم .. شهدت المشهد .. مشهد حصاد موجودات البراري .. قلعاً و ليس قطافاً .. قطعاً للأغصان وليس وليس حواشاً .. تجريداً للحياة من كل إمكانية للعودة والتجدد .. فلا يبقون للعود أصلاً ولا جذراً..

فإن استمر الحال كذلك .. ستكون القفار .. !!

As.abboud@gmail.com

آخر الأخبار
٥٠ منشأة صناعية جديدة ستدخل طور الإنتاج قريباً في حمص الإعلام على رأس أولويات لقاء الوزير مصطفى والسفير القضاة وزير الإدارة المحلية والبيئة يوجه بإعادة دراسة تعرفة خطوط النقل الداخلي سجن سري في حمص يعكس حجم الإجرام في عهد الأسد المخلوع ميشيل أوباما: الأميركيون ليسوا مستعدين لأن تحكمهم امرأة لجنة السويداء تكسر الصمت: التحقيقات كانت حيادية دون ضغوط الضرب بيد من حديد.. "داعش" القوى المزعزعة للاستقرار السوري من الفيتو إلى الإعمار.. كيف تغيّرت مقاربة الصين تجاه دمشق؟ انفتاح على الشرق.. ماذا تعني أول زيارة رس... تفعيل المخابر والمكتبات المدرسية.. ركيزة لتعليم عصري 2.5 مليار يورو لدعم سوريا.. أوروبا تتحرك في أول مؤتمر داخل دمشق مغترب يستثمر 15 مليون دولار لتأهيل جيل جديد من الفنيين بعد زيارة الشيباني.. ماذا يعني انفتاح بريطانيا الكامل على سوريا؟ فيدان: ننتظر تقدّم محادثات دمشق و"قسد" ونستعد لاجتماع ثلاثي مع واشنطن وفود روسية وتركية وأميركية إلى دمشق لمناقشة ملف الساحل وقانون "قيصر" رغم نقص التمويل.. الأمم المتحدة تؤكد مواصلة جهود الاستجابة الإنسانية بسوريا بين "داعش" و"قسد" وإسرائيل.. الملفات الأمنية ترسم ملامح المرحلة المقبلة المنطقة الصحية الأولى بجبلة.. نحو 70 ألف خدمة في تشرين الأول تفجير المزة.. هل حان وقت حصر السلاح بيد الدولة؟ عودة محطة بانياس.. دفعة قوية للكهرباء واستقرار الشبكة نحو شوارع أكثر نظافة.. خطوات جديدة في حلب