الثورة – فؤاد مسعد:
بعد إعلانه اعتزال الإخراج أكد المخرج السينمائي المصري داوود عبد السيد شروط عودته عن قراره ومن أهم ما طالب به مخرج فيلم (الكيت كات) أحد أفضل مئة فيلم في السينما المصرية، إنشاء دور عرض بسعر تذكرة مناسب لأبناء الطبقة المتوسطة، وتنبع أهمية الحدث الذي بقي لفترة محور الحديث والتحليل في مختلف الوسائل الإعلامية من كونه يشكل صرخة للانتصار إلى إنجاز سينما تحمل فكراً مبدعاً وتقدم ضمن صيغ إنتاجية جيدة وآليات عرض مقبولة، الأمر الذي يشي في أحد أوجهه بارتباط المبدع والمثقف السينمائي بهموم الناس فهو يُقدم نتاجه السينمائي الفكري بما يحمل من رسائل ومقولات وتسلية لهم ومن حقهم متابعته ضمن شرط سينمائي لائق.
ربما تعكس هذه الحادثة الأهمية الكبيرة التي يتمتع بها طقس العرض السينمائية بغض النظر عن العرض المنزلي الذي يزداد انتشاراً واتساعاً اليوم، وباتت تتوفر له الظروف التي قد تجعله في المستقبل القريب البديل عن صالات العرض عالمياً، ولكن رغم ذلك يبقى لصالة العرض مكانتها التي لا يمكن تعويضها بما في ذلك حالة المُشاهدة الجماعية للفيلم وما يترتب عنها من عيش لحظات مشتركة تكون فيها الدمعة واحدة بين الحضور والضحكة أيضاً، ودائماً يبقى لدينا توق إلى توفر الإمكانيات لتحديث صالات العرض السينمائية وإنشاء أخرى في كل المحافظات السورية وتكون مجهزة بأحدث التقنيات وأفضل الكراسي وكل ما من شأنه جعل ظرف المُشاهدة فيها على أعلى مستوى لتُعرض فيها أحدث وأهم الإنتاجات العالمية وبأسعار بطاقات مقبولة للعائلة ليُعاد إلى طقس العرض السينمائي ألقه من جديد ، فالجمهور الذي يشتاق لعيش أجواء الحراك السينمائي الحقيقي يدرك تماماً أن السينما ليست عبثاً ترفيهاً وإنما هي أداة ثقافية إعلامية وفعل إبداعي متوقّد يشع بنوره وألقه وغناه وأصالته.
يقابل هذه الأمنيات العديد من المصاعب والعراقيل بما فيها الحصار على سورية إضافة إلى التكلفة المادية المرتفعة لإحداث أو تطوير صالات العرض خاصة في ظل إقفال الكثير منها ناهيك عن الصالات المدمرة بفعل الحرب التي شنت على سورية والتي تحتاج إلى إعادة بناء وتجهيز بشكل كامل، وإن كان أحد أوجه الحل إحداث صالات ضمن المولات وفق شروط معينة، إلا أن هناك مجموعة من البدائل التي يمكن أن تشكل حلاً مؤقتاً يُشبع رغبة الجمهور في مشاهدة فيلم ضمن طقس أقرب لصالة العرض، ومنها ما تم اللجوء إليه فعلاً في الكثير من المناسبات والتظاهرات السينمائية والمتمثل في الاستعانة بالمراكز الثقافية التي قامت بهذا الدور فعلاً ضمن شرطها كقاعة أو مسرح في المركز، ولكن كيف هي ظروف العرض فيها؟ وإلى أي مدى هي مجهزة لتلبية عرض الفيلم أصلاً على مستوى الصوت والصورة واللون؟ وما آلية عرض الفيلم وهل هو موجود على قرص مضغوط (مثلاً) ؟ ماذا لو تم إجراء بعض التعديلات والتحسينات التي من شأنها تقريب منطق الطقس السينمائي إلى هذه الأماكن والسعي إلى تجهيزها بما يتلاءم مع العرض السينمائي؟ وبذلك تُستكمل حالة العروض السينمائية في هذه المراكز سعياً للوصول إلى العرض وفق أفضل آلية ممكنة والأقرب للصالة السينمائية بتقنياتها المتطورة ليحقق العرض غرضه على أقل تقدير. بحيث يتم الذهاب إلى أبعد من افتتاح أو عرض فيلم حديث من إنتاج المؤسسة العامة للسينما أو إقامة فعالية أو تظاهرة سينمائية، بحيث تتحوّل تلك الأماكن إلى بديل مؤقت وفق شروط ونظم معينة لتلبي حاجة الجمهور في متابعة حتى الأفلام العربية والأجنبية الحديثة، وبذلك تشكل رديفاً إضافياً لصالات الكندي التي تعمل للقيام بدورها في عدد من المحافظات.