في موضوع مهم للغاية تحت مسمى سوق العمل وما يتعلق به من تشعبات وتفاصيل باتت معقدة وأكثر صعوبة حتى على مستوى الطرح والنقاش، أو التحاور لوضع رؤى وتصورات قد تكون ركيزة أساسية وجوهراً في الشكل والمضمون لانطلاقة طموحة لتطوير وتحديث الآليات، وإيجاد بيئة مناسبة من الممكن أن تحدث أنماطاً جديدة لكل ما يتصل بهذا المسمى.
وحتى مع التباين في وجهات نظر المختصين والمهتمين في سوق العمل لدينا سواء لجهات معنية بالأمر أم لجهات قطاع العمل الخاص، والباحثين في حال هذا السوق، تبدو النظرة سوداوية بشكل أو بآخر لكل ما يتعلق به واقعاً وآفاقاً، حيث التحديات والاختلالات المتعددة الأوجه التي تجعله يعاني ما يعانيه من الفوضى والعشوائية، وغياب الخطط والحلول الناجعة للوصول به للغاية والهدف.
إذ بدت خطوة اتحاد العمال بإقامة لقاء تشاوري واسع المشاركة رسمياً وأهلياً ومجتمعياً، وعلى مدى يومين مهمةً، حيث المحاور الغنية والعناوين التي لامست جوهر الموضوع، ولتعكس نظرة سلبية لواقع عمل مأساوي، وتحفيزاً للإسراع بتغيير هذا الواقع الذي لن يكون مسؤولية جهة واحدة، بل مسؤولية مختلف الجهات المعنية بهذا الشأن.
فالجميع يدرك أن مشكلة سوق العمل من أعقد القضايا التي تواجه الاقتصاد قبل الأزمة وبعد سنوات الحرب على سورية وآثارها السلبية في مجمل قطاعات العمل، وليزيد من التعقيد اختلالات وتحديات مزمنة، ولاسيما بعد هجرة القوى العاملة للخارج، وعدم ربط مخرجات التعليم بمتطلبات سوق العمل، وغياب التأهيل والتدريب المهني المطلوب، وعدم وضع الخبرة والاختصاص في مكان العمل المناسب.
ولعل مجرد طرح تنظيم هذا السوق سيواجه أيضاً تحديات كبيرة، طالما أن البنية الأساسية غير واضحة المعالم لكثرة اختلالات متعددة وجدت نتيجة عدم التخطيط وغياب السياسات المدروسة المبنية على خطط تلامس بواقعية وجدية مختلف قضايا سوق العمل ومتطلباته في ضوء العديد من التطورات والظروف التي أفرزتها متغيرات الأحداث.
فلا خلاف على أهمية وضرورة التنظيم كعنوان عام، لكن الأمر يتطلب أكثر من ذلك طالما لايوجد لدينا سوق عمل بالمعنى المطلوب، و قد لايكون طرح التنظيم مجدياً، بقدر أهمية تحديد البداية أولاً في خطط طموحة تحدث سوق عمل منظم بتشاركية الجميع سواء قطاع عام أو خاص، مع الأخذ بعين الاعتبار تحديد الأولويات ومواءمة الحاجات مع متطلبات سوق العمل سواء أكاديمياً أم مهنياً.