من خلال التحقيقات واستطلاعات الرأي التي أجرتها “الثورة” خلال الأسابيع الأربعة الماضية حول الواقع الخدمي ودور المجالس المحلية في الارتقاء بهذا الواقع وتلبية احتياجات المواطنين في القرى والبلدات والمدن والأحياء، برزت مشكلة (حسب الإمكانات المتوافرة) كقاسم مشترك أعظمي بين معظم الردود التي وردت من المعنيين في مجالس الإدارة المحلية، فالجميع لديه نفس الحماس ونفس الاستعداد لتقديم المزيد من الجهد وبذلها لتنفيذ المشاريع الخدمية المخطط لها، أو تلك المقترحة منها، للعمل على رفع مستوى تلك الخدمات ليتلقاها المواطنون بالشكل اللائق وخاصة خدمات الطرق والكهرباء والماء والصرف الصحي.
ولأن (الإمكانات المتوافرة) للعديد من المجالس المحلية لا تلبي الطموح ولا تكفي لتنفيذ كل المشاريع المطلوبة، فقد بقيت الخدمات في حدها الأدنى إن لم نقل إنها معدومة في بعض البلدات والقرى، وعليه فقد بقيت معاناة الأهالي والمواطنين لتضاف إلى جملة ما يواجهه المواطنون اليوم من تبعات التضخم وارتفاع الأسعار وغياب الرقابة على الأسواق وتراجع خدمات النقل الجماعي وغيرها.
ولأن قانون الإدارة المحلية أتاح للمجالس القيام باستثمارات مختلفة لتأمين موارد مالية إضافية تساعدها في تنفيذ مشروعاتها الخدمية، فقد نسأل هنا: أين تلك الاستثمارات وبماذا يمكن أن تستثمر بعض بلديات القرى والبلدات الفقيرة، والتي هي بالأصل تحتاج إلى دعم مادي للنهوض بمستوى خدمات البنية التحتية فيها؟
ولماذا لا تجد تلك المجالس الاهتمام الكافي؟ في حين تشهد بعض المدن تنفيذ مشاريع خدمية واستبدالاً للأرصفة وشبكات الإنارة وغيرها بشكل سنوي، بينما لا تحظى تلك المجالس البعيدة للقرى بـ10% من هذا الاهتمام والذي هو ضروري لها؟
وهل تترك تلك المجالس المحلية دون دعم تحت ذريعة السماح لها بإقامة استثمارات لتأمين موارد لها؟ أليس من المفروض أن يتم التركيز على تلك القرى والبلدات وخاصة أن الشعار المطروح مؤخراً هو إحداث التنمية المستدامة بدءاً من تنمية الأرياف؟
إن معظم الخلل الحاصل في مستويات التنمية يرتبط بعدم التوزيع العادل للإنفاق على الخدمات في الوحدات الإدارية الصغيرة وخاصة الفقيرة والبعيدة عن مراكز المدن، على حين تحظى المدن الرئيسية باهتمام يبدو مبالغاً فيه أحياناً تجاه الإهمال الكبير للأرياف والقرى التي هي من يستحق هذا الاهتمام.