الثورة- عبد الحليم سعود :
يبدو أن انقضاء 16 عاما على حرب تموز لم يساعد حكام الكيان الصهيوني الجدد على نسيان الطعم المر لهزيمة جيشهم المغرور على أيدي رجال المقاومة اللبنانية على تخوم القرى والبلدات اللبنانية الجنوبية، إذ مازال هؤلاء الإرهابيون المتغطرسون يهددون ويتوعدون ويعدون العدة للثأر والانتقام من أجل إعادة الاعتبار لجيشهم المهشم، حيث لا شيء تغير أو تبدل في شهوة العدوان المتجذرة والمتأصلة في العقل الإسرائيلي، وهو ما يجعل الكيان المجرم يتحين أي فرصة واختلاق أي ذريعة لتحقيق هدفه، ولكن خشيته من تكرار الهزيمة وجاهزية المقاومة لتحقيق انتصار جديد هو ما يدفعه بإصرار للدخول في تحالف عسكري مع بعض الدول العربية لتتحمل معه تكلفة وتداعيات أي مغامرة مجنونة يمكن أن يقدم عليها.
الكيان الصهيوني – بطبيعة الحال – لا يحتاج إلى مبررات أو ذرائع للقيام بحرب أو عدوان، فقد عودنا خلال سنوات وجوده الطارئ وغير الشرعي في منطقتنا بأنه يفعل ما يريد متى استطاع إلى ذلك سبيلا، وقد كشفت الأشهر التي تلت حرب تموز وكذلك تقرير فينوغراد أن حكومة إيهود أولمرت قد خططت للحرب مسبقاً وحددت أهدافها قبل أشهر، حيث تم تحضير بنك الأهداف والمعتقلات والسجون والجبهة الداخلية، ولم يكن موضوع الجنديين الأسيرين سوى الذريعة التي احتاجتها لإطلاق شرارة حربها العدوانية، وقد أكدت مصادر عديدة آنذاك أن “إسرائيل” كانت تسعى لتغيير خريطة المنطقة بالتعاون والتنسيق مع حليفتها واشنطن، وهذا ما أعلنته صراحة وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك كونداليزا رايس عندما تحدثت عن شرق أوسط جديد على قياس مصالح “إسرائيل” وطموحاتها.
وثمة من رأى أن الحرب الإرهابية التي تم شنها على سورية في العام 2011 كانت جزءا من الانتقام الإسرائيلي والغربي و”العربي” من الانتصار الذي حققته المقاومة اللبنانية في تلك الحرب العظيمة، حيث وقفت سورية بكل إمكاناتها إلى جانب المقاومة اللبنانية البطلة في الوقت الذي وقف فيه العالم – بمن فيهم العرب وبعض الفرقاء اللبنانيين –إلى جانب “إسرائيل” وبرّروا حربها التدميرية ضد لبنان وإجرامها بحق شعبه، غير أن كل ذلك لم يساعد “إسرائيل” على تفادي الهزيمة.
تدعي “إسرائيل” وحكامها بشكل دائم رغبتهم بالسلام، ولكن سلوكهم على الأرض هو على العكس من كل ذلك، ففي كل يوم تقريبا ترتكب مجازر وانتهاكات جديدة بحق الشعب الفلسطيني، وتمارس التهديد والعدوان بحق سورية، وهو ما يقطع الشك باليقين ويبرهن بالدليل القاطع أن كيانها قائم على الإرهاب والعدوان، ولا وجود للسلام في قواميسه واعتباراته، الأمر الذي يبرر كل أفعال المقاومة ضد الاحتلال من فلسطين المحتلة إلى جنوب لبنان وصولا إلى الجولان السوري المحتل، لأنها حق مقدس ومشروع كفله ميثاق الأمم المتحدة وأقرته الشرائع الدولية والإنسانية، وكل كلام بحق سلاح المقاومة في لبنان والدعوة إلى نزعه هو خدمة مجانية لكيان الاحتلال.
