لطالما كان الدخان الوطني هو الخيار المفضل لدى مختلف السوريين في وقت كانت الأسواق غارقة بالدخان الأجنبي المستورد، ليس لتفاوت السعر بينهما، وإنما لما يتمتع به الدخان الوطني من مواصفات بالجودة، إضافة إلى كونه دخاناً طبيعياً من منتجات الفلاح السوري الذي دأب على زراعته على مدى عقود طويلة..
لكن الحال الذي وصلت إليه صناعة التبغ حالياً تحتاج إلى وقفة متأنية للسؤال عن التراجع الواضح بالجودة وبالمواصفة، ولا ينتهي الأمر هنا، إذ نجد أن التغليف فيه من العيوب ما يكفي للحديث عنه..
اليوم الدخان الوطني بأنواعه المختلفة ما يزال حاضراً في مختلف الأسواق ومتوافراً ولا نقص فيه، وهي ميزة حميدة يمكن أن تسجل في وقت كان قد شهد فيه الكثير من الانقطاعات والغياب عن الأسواق المحلية بحجج مختلفة لم تكن لتقنع المستهلك، لكن الواضح تماماً أن جودة الإنتاج قد تراجعت بشكل لافت لبعض الأصناف إلى أن وصلت في بعضها إلى وجود رائحة كريهة تكاد تزكم الأنوف وطعم لاذع وانتشار البقع الصفراء على طول السيجارة..
البعض أرجع هذا الأمر إلى طول مدة التخزين لدى بعض الباعة بهدف الاحتكار وحبس المادة لديه، لكن هذا قد ينقضي بانتهاء الكميات المخزنة لكنه ما يزال مستمراً وإلى اليوم هناك أحد الأصناف فيه رائحة عفونة واضحة، ولا يبدو التخزين عليها لأن الغلاف جديد، وكذلك السجائر طرية وغير متيبسة ما يعني أنها غير مخزنة لمدة طويلة..
وإذا ما تجاوزنا مسألة سوء التغليف وعدم انتظام العبوات فإن مسألة العفونة تحتاج إلى لفت نظر إدارة المؤسسة والقائمين على العملية الإنتاجية للبحث في أسباب هذا الأمر الذي يتكرر من حين لآخر، والعمل على حل المشكلة من أصلها وتلافيها خاصة، فالمواطن يكاد يفقد ثقته بالكثير من المنتجات المحلية سواء المصنعة في القطاع العام أم الخاص نظراً لتراجع مستويات الجودة وغياب المواصفة وحتى الصلاحية أحياناً وطرح منتجات غير صالحة للاستهلاك البشري، فمن باب أولى أن يجري العمل على استعادة هذه الثقة المفقودة بمزيد من الشعور بالمسؤولية تجاه مؤسساتنا الإنتاجية وتجاه مستهلكنا الذي لم يعد يثق بالكثير مما هو مطروح في أسواقنا المحلية!!!.