فـــــي مشــــــــفى البيرونــــــــــي..استبدال مفهوم طبيب الأورام العام بفريق عمل تخصصي وفق المعايير العالمية

ثورة اون لاين:

بموجب القانون رقم (32) الصادر بتاريخ 19 / 6 / 2006 مـ، تم دمج مشفى الطب النووي مع المشفى العمالي المركزي تحت اسم مشفى البيروني الجامعي بهدف التصدي لمشكلة السرطان،
ووضعت الإمكانيات المادية بلا حدود لتطوير هذا المشروع الوطني العظيم وتحويله إلى مركز جامعي مرجعي يتبع لوازرة التعليم العالي لتقديم الخدمات النوعية وتدريب وإعداد الكوادر الوطنية، لكنه بقي لسنوات خلت دون مستوى الطموح، اليوم هناك هيكلية جديدة وآلية عمل جديدة تشرف عليها إدارة جديدة وسط ظروف عمل استثنائية.‏‏

ففي الوقت الراهن يواجه المشفى تحديات كبيرة بسبب الظروف الاستثنائية التي يمر بها الوطن وبسبب موقعه في منطقة غير مستقرة أمنياً بين بساتين حرستا ودوما، الأمر الذي يزيد من صعوبة تأمين احتياجاته اللازمة لمعالجة عشرات الآلاف من الحالات المرضية التي تعتبر من أخطر أمراض الإنسان ألا وهي أمراض السرطان بكل أنواعها والتي يتصدى المشفى لمعالجتها بشكل مجاني بالكامل.‏‏

الارتقاء بالاداء‏‏

ماذا عن ظروف العمل الحالية وكيفية مواجهة العقبات التي تعترض سير العمل، وكذلك عن الهيكلية والآلية الجديدتين لتطوير العمل والارتقاء بالأداء على الصعد كافة ؟‏‏

مدير عام المشفى الدكتور نزار عباس تحدث بلغة الارقام مؤكداً على أن عدد مراجعي المشفى بلغ العام الماضي حوالي70 ألف مريض من مختلف المحافظات، تم قبول نصفهم للإقامة في المشفى لإجراء العمليات الجراحية أو لإعطاء الجرعات الكيميائية، وقد بلغ عدد الجرعات الكيميائية حوالي 34 ألف جرعة، أعطي منها حوالي25 ألف جرعة داخل المشفى على مدار عدة أيام لكل مريض، والقسم الباقي أعطي من خلال المشفى النهاري (جرعة اليوم الواحد) أو على شكل حبوب كيميائية لتناولها خارج المشفى، وهذه الأخيرة غالية الثمن جداً يتجاوز سعر العلبة الواحدة منها أحياناً نصف مليون ليرة، تعطى للمريض مجاناً كل شهر ولعدة سنوات، كما أنجزت 1500 عملية جراحية نوعية لاسئتصال الأورام المختلفة، وأجريت عشرات الآلاف من الاستقصاءات الشعاعية والمخبرية كتصوير الطبقي المحوري والمرنان وومضان العظام والصور الشعاعية البسيطة والتحاليل المخبرية النوعية والواسمات السرطانية والتلوينات المناعية والدراسات النسيجية.‏‏

وقد تم قبول حوالي 4500 مريض في شعبة المعالجة الشعاعية الموجود في قسم المزة التابع لمشفى البيروني (بناء الطب النووي القديم) عولج منهم 800 مريض بواسطة المسرّع الخطي بمعدل يقارب 12 ألف جلسة شعاعية، وعولج 3500 مريض بالكوبالت بمعدل 75 ألف جلسة، وحوالي 200 مريض باليود المشع والسيزيوم، وهو رقم قليل جداً بسبب تعذر تأمين المواد المشعة خلال العام الماضي، ولقد عولجت هذه المشكلة مع بداية العام الحالي وأصبح توريد المواد المشعة نظامياً ودورياً عن طريق هيئة الطاقة الذرية.‏‏

تأهيل قسم المزة‏‏

وقد أعيد تأهيل قسم المزة مع بداية العام الماضي بقصد تأمين مكان بديل لتخفيف معاناة المرضى النفسية والمادية بسبب صعوبة الوصول إلى مشفى البيروني أحيانا، وبسبب الكلفة العالية لإقامتهم خارج المشفى فتم تأمين حوالي 30 سريراً لإقامة مرضى العلاج الشعاعي، وتم إحداث ثماني عيادات تخصصية مع 30 كرسياً ملحقاً بها لإعطاء الحقن الكيميائية ومخبر تحاليل طبية وصيدلية أدوية ورمية، إضافة إلى إعداد كادر طبي تمريضي مناوب على مدار الساعة لدرجة وصل فيها عدد الجرعات مع بداية هذا العام في قسم المزة فقط حوالي 50 جرعة يومياً، إضافة لجلسات العلاج الشعاعي التي تعطى حتى أيام العطل الرسمية بسبب عدد المرضى الكبير وضرورة عدم الانقطاع في المعالجة.‏‏

استبدال الطبيب بمفهوم الفريق المعالج‏‏

واضاف الدكتور عباس خلال العام الماضي جرى تغيير جذري في آلية العمل في المشفى بشكل يتوافق مع المعايير العالمية لمراكز الأورام، حيث أحدثت شعب طبية تخصصية لإقامة المرضى ومعالجتهم داخل المشفى وهي: شعبة أورام الصدر، شعبة أورام الثدي، شعبة أورام العظام والنسج الرخوة، شعبة أورام الهضم، شعبة أورام الرأس والعنق، شعبة أورام الجهاز البولي التناسلي، إضافة للشعب الموجودة سابقاً وهي شعبة أورام الدم، شعبة أورام الأطفال، شعبة الجراحة، شعبة التخدير والعناية المشددة، شعبة العلاج الشعاعي، شعبة التشخيص الشعاعي، شعبة المخبر، شعبة التشريح المرضي، وتم تحديد فريق طبي تمريضي ثابت لكل شعبة لاستبدال مفهوم طبيب الأورام العام بطبيب الأورام الاختصاصي، بحيث يمارس الطبيب اختصاصاً وحيداً وليس كل الاختصاصات بهدف تعميق وتراكم الخبرة، كما ألحقت بهده الشعب عيادات تخصصية أيضاً لاستقبال المراجعين بحيث يتواجد في العيادة الواحدة ثلاثة اخصائيين على الأقل كيميائي وشعاعي وجراح إضافة إلى أطباء الدراسات العليا في اختصاص الأورام لاستبدال الطبيب المعالج بمفهوم الفريق المعالج لوضع ومتابعة الخطة العلاجية للمريض من قبل لجنة طبية وليس من قبل طبيب بمفرده.‏‏

حل مشكلة الدور والانتظار نهائياً‏‏

كما تم توسيع المشفى النهاري القديم لإعطاء الجرعات السريعة (جرعات اليوم الواحد) من 50 كرسياً موجوداً في مكان واحد إلى 150 كرسياً موزعاً على الشعب الطبية المختلفة حسب حاجة كل شعبة بقصد إعطاء الجرعات تحت الرقابة والإشراف الطبي المباشر لضمان الجودة والسلامة من اختلاطات هذه الأدوية الخطرة وتأمين راحة المرضى وحل مشكلة الدور والانتظار نهائياً.‏‏

ولقد حققت آلية العمل الجديدة بإحداث وتأهيل الشعب التخصصية وتعزيز وجود وعمل الهيئة الأكاديمية من أساتذة الجامعة في المشفى نقلة نوعية في تدريب وتدريس وإعداد الكوادر الوطنية، حيث سمحت بوضع برامج تدريب دورية لأطباء الدراسات العليا، إلى جانب البرنامج العلمي الأسبوعي والندوات الدورية حول الأساسيات والمستجدات في علم الأورام وضبط دوام وحصر مسؤولية أطباء الدراسات العليا في أماكن تواجدهم.‏‏

قرار معطّل !‏‏

تأمين الأدوية الورمية النوعية والأجهزة الطبية المتطورة هو التحدي الأكبر والهاجس المؤرق لتلبية حاجات المصابين بأخبث الأمراض، فالتصنيع المحلي للأدوية الورمية غير موجود حالياً بحسب الدكتور نزار عباس، والتوجه الرسمي لتأمين مصادر من الدول الصديقة قرار وطني حكيم بامتياز، ولكنه شبه معطل ولم يطبق إلا بحدود ضيقة لتقاعس وتقصير الجهات المعنية بتنفيذه، والعقود المبرمة مع الدول الصديقة بهذا الخصوص في العام الماضي عبر المؤسسة العامة للتجارة الخارجية لم تنفذ ومجهولة المصير حتى تاريخه، وأسعار الأدوية المتوفرة من المصادر الغربية جنونية، لا يمكن لعاقل حتى التفكير بشرائها في ظروف اقتصادنا الوطني الراهنة، فالجرعة الواحدة من بعض أنواعها تكفي لمعيشة عشرات الأسر لمدة شهر كامل، وفي هذا النفق المظلم وجدنا بؤرة الضوء ونافذة الأمل بالالتزام بتطبيق القانون رقم (51) لعام 2004 الخاص بنظام العقود لتأمين احتياجات الجهات العامة والابتعاد عن كل توجه يخالفه مهما كان مصدره، فتم تأمين وتوفير القسم الأعظم من الأدوية الورمية الأساسية الذي يسد نحو 90% من حاجة المرضى ويدخل الطمأنينة والراحة إلى نفوسهم.‏‏

واشار الدكتور نزار عباس مدير مشفى البيروني الى أن الأجهزة الطبية الضرورية كالمرنان وجهاز الطبقي المحوري وأضواء العمليات وأجهزة التنظير وغير ذلك صعبة المنال وتأمينها متعذر في الوقت الراهن بسبب الحصار الظالم، والمحاولات المستمرة لتأمينها عبر المساعدات والمنظمات الدولية لم تثمر حتى الآن، ولابد من التدخل الرسمي للمعالجة من خارج الطرق التقليدية لأهميته وضرورته في تشخيص وعلاج الأورام.‏‏

رفع سوية الأطباء‏‏

رئيس أطباء الدراسات العليا الدكتور علي حسن تحدث عن تغييرات الهيكلية التي أحدثتها الإدارة الجديدة في المشفى لرفع سوية أطباء الدراسات العليا، مبينا أن المشفى كان مقسماً لثلاث شعب تتعلق بالأورام، هي: شعبة أمراض الدم (رجال – نساء)، وشعبة الأورام الصلبة (رجال – نساء)، وشعبة مرضى العلاج الشعاعي (رجال – نساء).‏‏

لكن مع مشروع بناء الهيكلية الجديدة قسمت الشعب المذكورة إلى شعب طبية تخصصية، هي: (شعبة أمراض الدم – أورام الصدر – أورام الثدي – أورام الرأس والعنق – أورام الجهاز الهضمي – أورام النسج الضامة (الساركومات)- أورام الجهاز البولي التناسلي. بالإضافة الى شعبة أورام الأطفال وشعبة جراحة الأورام الموجودتين سابقاً)‏‏

هذا التقسيم التخصصي – بحسب د. حسن عاد بفائدة علمية كبيرة على طبيب الدراسات العليا الذي يزاول تدريبه في شعب المستشفى، بحيث أصبح متفرغا ً(مثلاً) للتعامل مع مرضى أورام الجهاز الهضمي فقط، وبالتالي يركز دراسته النظرية كاملةً خلال هذه الفترة (التي تتبدل كل شهرين) على أورام (جهاز الهضم)، ويستفيد من هذه الدراسة في تشخيص وعلاج ومتابعة مرضى أورام (جهاز الهضم)، وتدبير اختلاطات العلاج والمرض في حال تطورها، ما يكسبه خبرة نوعية وتخصصية في مجال معين خلال فترة معينة، ثم الى باقي الشعب وبالطريقة نفسها يبني معرفته الطبية الى أن تكتمل خبرته مع جميع الاختصاصات السرطانية، ويعاودها مرة أخرى في كل سنة دراسية حتى التخرج.‏‏

وكذلك يستفيد طبيب الدراسات العليا من خبرة الطبيب الأخصائي أو الأستاذ الجامعي الذي أصبح عمله أيضا متركزاً على أورام جهاز معين في الجسم، وبذلك أصبح (الطبيب الأخصائي أو الأستاذ الجامعي) خلال هذه الـ 18 شهراً من التخصص مرجعاً مهماً في قسم من أقسام العلوم السرطانية بعد أن كان طبيب أورام عاما.‏‏

ويتابع د. الحسن: تم تأمين مرجع أورام تخصصي (devita) من قبل الإدارة لجميع أطباء الدراسات العليا والمشرفين بشكل مستقل عن الشعب الطبية، وهذا يشكل بالنسبة لأطباء الدراسات العليا القاعدة العلمية الأساسية التي يحتاجونها للدراسة النظرية والممارسة العلمية.‏‏

كذلك تم نقل شعبة مرضى العلاج الشعاعي الى قسم الطب النووي في مستشفى البيروني (منطقة المزة) حيث يتابع المرضى علاجهم الشعاعي، بعد أن كان يتم نقلهم كل يوم لتلقي العلاج الشعاعي من مشفى البيروني في حرستا الى فرعه في المزة والعودة بهم ليناموا في المستشفى.‏‏

750 ألف ليرة قيمة الجرعة‏‏

وعن آلية وطرق تأمين الأدوية الورمية قال المدير الطبي بمشفى البيروني الدكتور محمد القادري: يتم ذلك حسب الأنظمة المعمول بها لتأمين احتياجات القطاع العام، (عن طريق العقود والمناقصات عن طريق مؤسسة التجارة الخارجية فارمكس عن طريق الشراء المباشر).‏‏

وعن أغلى الأدوية والدول التي يتم استيرادها منها، ذكر القادري أدوية مثل:‏‏

«نيتولينيب» الذي يعطى لمرضى سرطان الدم على مدى أربع جرعات، قيمة كل جرعة حوالي 750 ألف ليرة، وأدوية أخرى، مثل (ايماتينيب لاباتينيب تراستوزوماب سورافينيب سونيتينيب) تتراوح أسعارها بين 250 الى 450 ألف ليرة، حيث يبلغ سعر جرعة الدواء (تراستوزوماب) 450 ألف ليرة، ويعطى لنوع محدد من سرطان الثدي، وتحتاج المريضة إلى (6) جرعات، وتقدمها الدولة جميعها بالمجان و قال: جميع هذه الأدوية من منشأ غربي، ويتم استيرادها من الدول الغربية ولا أعلم إن كانت تصنع في الدول الصديقة أو لها مثيل لها فيها، مبيناً أن هناك لجنة في وزارة الصحة مهمتها معرفة وتحديد أماكن انتاج وتصنيع الأدوية ومنح الموافقات على دخولها من عدمه.‏‏

فارمكس.. ملتزمون‏‏

معاون مدير المؤسسة العامة للتجارة الخارجية (فارمكس) المعنية بالاستيراد السيد زياد قزيز قال: نحن لا نأتي بالأدوية الورمية إلا من الدول الصديقة، لكن شرط أن تقول لنا وزارة الصحة إن ذلك الدواء موجود في الدول الصديقة.‏‏

من جانبه قال مدير عام (فارمكس) السيد طارق: مراسلاتنا منذ حوالي عشرة أشهر هي للدول الصديقة حصراً، وخاصة إيران وروسيا، ولكن أحيانا التأخر باستيراد الدواء نتيجة الصعوبات في فتح الاعتمادات المصرفية والشحن وغيره يدفعنا لتأمين الدواء عن طريق القطاع الخاص.‏‏

مع وزارة الصحة‏‏

«الثورة» وضعت أسماء الأدوية السابقة (مرتفعة الثمن) على مكتب معاون وزير الصحة للشؤون الدوائية والغذائية الدكتورة سوسن ماضي وسألت عن مصير قرار التوجه شرقاً لاستيراد الأدوية الورمية النوعية.‏‏

الدكتورة ماضي استغربت الطرح وتساءلت عن الهدف منه، قائلة: المهم بالنسبة للمريض هو أن يكون الدواء متوفراً، وهو لا يهتم بالمنشأ، بل إن المريض يفضّل أن يكون الدواء من منشأ غربي!.‏‏

واضافت: بالفعل هناك قرار حكومي بالتوجه نحو الدول الصديقة وأولها إيران، وفي حال عدم وجود الدواء في إيران يتم التوجه نحو الدول الصديقة الأخرى، فإن لم يكن موجودا يُسمح باستيراده من الغرب لمرة واحدة.‏‏

 

صحيفة الثورة –  تحقيق: هــلال عـون

آخر الأخبار
70 بالمئة من طاقة المصانع معطّلة... والحل بإحياء الإنتاج المحلي  استفزاز إسرائيلي جديد.. زامير يتجول بمناطق محتلة في سوريا الفاتيكان يعلن وفاة البابا فرنسيس حمص.. حملة تعزيز اللقاح الروتيني للأطفال تستهدف ١٤٣١٤ طفلاً الخليفي: قطر ستناقش مع واشنطن تخفيف وإزالة العقوبات عن سوريا 4 آلاف معلم ومعلمة في إدلب يطالبون بعودتهم للعمل تأهيل محطة مياه الصالحية.. وصيانة مجموعات الضخ في البوكمال بدء التقدم للمفاضلة الموحدة لخريجي الكليات الطبية والهندسية "العمران العربي بين التدمير وإعادة الإعمار" في جامعة حمص توظيف الذكاء الاصطناعي التوليدي في التعليم منح دراسية تركية لطلاب الدراسات العليا "التعليم العالي".. "إحياء وتأهيل المباني والمواقع التاريخية" "مياه اللاذقية"... إصلاحات متفرقة بالمدينة "صحة اللاذقية": حملة تعزيز اللقاح تستهدف أكثر من 115 ألف طفل تفعيل عمل عيادة الجراحة في مستشفى درعا الوطني "المستشفى الوطني بحماة".. إطلاق قسم لعلاج الكلى بتكلفة 200 ألف دولار إطلاق حملة تعزيز اللقاح الروتيني للأطفال بالقنيطرة الألغام تواصل حصد الأرواح.. رسالة من وزارة الدفاع للسوريين حول الملف الصعب وطويل الأمد صندوق النقد والبنك الدوليين يبحثان استعادة الدعم لسوريا سفير سوداني: نعارض أيّ شكلٍ من أشكال تهجير الفلسطينيين