ثورة أون لاين –بقلم رئيس التحريرعلي قاسم:
تطوي القلمون صفحات مؤلمة عاشتها على مدى السنوات الثلاث الماضية، وهي ترسم معالم مرحلة جديدة تستعيد حضورها على دفاتر الوطن، وتفتح هضابها وجبالها وتلالها مع قراها على صفحات جديدة، بعد ان لفظت الإرهابيين ومن معهم إلى غير رجعة.
ليست وحدها القلمون في خطواتها، ولا هي أول من تدرج في تلك الخطوات، ولن تكون الأخيرة، وقد سعت وتسعى إلى ذلك غيرها من جغرافيا الوطن السوري، لكنها تستحق أن تسجل اليوم حضوراً يليق بها وبجبالها التي كانت وستبقى رمزاً حاضراً في وجدان السوريين.
لسنا بوارد الدخول في الدلالات وما تحمله، ولا في الذهاب إلى الاستنتاج، لكن تقتضي الأمانة ان نوجز ما نستطيع في مفردات وأحاديث طغت على كلمات السوريين وهم يتابعون تفاصيل ما تنجزه قواتنا المسلحة دقيقة بدقيقة، ولحظة بلحظة، حتى تحولت الأخبار العاجلة إلى حلقة نقاش تداولها السوريون يوم أمس وخاضوا فيها نقاشاً طويلاً ومتواصلاً حتى ساعات متأخرة.
ولأنها كانت لحظة مفصلية في الكثير من الحسابات والاستنتاجات السياسية والإعلامية، أبت إلا أن تكون معطرة بتضحيات الإعلام الذي كان دائماً مرادفاً ولصيقاً بخطوات الجيش العربي السوري وبتضحياته، حين ارتقى الزملاء في قناة المنار إلى العلياء ليسجوا إلى جانب شهداء الواجب من أبطال حماة الديار.
ندرك جميعا أن القلمون وما تم فيه سيكون انعطافاً إضافياً في مسيرة الإنجاز التي تتحقق عملياً في الميدان، وأن ما تحقق فيها يصلح ليكون قاعدة تتكرر في غير موقع، وفي أكثر من منطقة، وهي تفتح الباب على مصراعيه أمام تحولات تجري إحداثياتها وتنتظر اللحظة التي تنضم فيها إلى القلمون لتكنس آخر ما تبقى من فلول الإرهابيين، وتنظف آخر البقع من رجسهم.
ليس من الصعب قراءة الذعر المنتشر في صفوف الإرهابيين.. ولا الصدمة التي تتوالى دوائر ارتداداتها في عقول داعميهم ومموليهم، وهم يرون انهياراً كاملاً لمشروعهم وهروباً جماعياً لمرتزقتهم، وأصوات استغاثاتهم ومعارك الاتهامات المتبادلة تصول في جولات من المهاترات.
يحق للقلمون وجبالها وقراها اليوم أن تقول ما تشاء في دفاتر عودتها، وأن ترسم الغد الذي تريد، ويحق للسوريين أن يواصلوا خطوات الميدان الذي تعاهدوا على الاستمرار فيه حتى اجتثاث آخر بؤر الإرهاب، كي تعود سورية إلى صورتها ماضياً وحاضراً ومستقبلاً.. تاريخاً وأصالة ووجوداً، بعد أن نبذت – ودون تردد – من جاءها غادراً ومن قَدِمَ مزيفاً ومن حل مضللاً.
القلمون اليوم.. وغداً غيرها من الجغرافيا السورية، والمعركة مستمرة، وندرك أنها لم تنتهِ هنا ولن تنتهي، فما زال هناك الكثير وما زال هناك من يجرب في حروبه وكالة أو أصالة ، وما زال هناك من يدفع بالمزيد من الإرهاب، لكن كما اندحر في القلمون، وقبلها في الحصن والزارة والقصير، سيندحر حيثما حل وكيفما جاء أصالة عن نفسه أو وكالة عن غيره.. بذاته أم استعار أذرع العدوان من غيره.
a.ka667@yahoo.com