لولا نقص مياه الشرب الكبير والعطش الشديد الذي يعاني منه كل سكان ريف محافظة طرطوس هذه الأيام -رغم أن المحافظة تعوم على بحر من المياه- لكان الكثير منهم توقفوا عن الحديث والمطالبة بزيادة مخصصات المحافظة من الكهرباء رغم التقنين الطويل والجائر وغير المسبوق الذي يطبق عليهم ..صحيح أن هذا التقنين الطويل الذي يزيد عن 20 ساعة في اليوم خرب بيوتهم ومنعهم من استخدام براداتهم وحرمهم من الجلوس والنوم براحة داخل مساكنهم،وزاد من ضجرهم ومعاناتهم ..لكن الصحيح أكثر أن المياه هي الحياة وحرمانهم منها بسبب التقنين الكهربائي الحالي يعني حرمانهم من الحياة بكل أبعادها !
إن المناشدات على مدار الساعة من أهلنا في ريفي بانياس والقدموس البعيدين ومن أهلنا في مدينة صافيتا وقراها والدريكيش وقراها والشيخ بدر وقراها للمساعدة في تأمين المياه لمنازلهم تؤكد أنهم وصلوا لمرحلة لاتطاق ولا تُحتمل، فمعاناتهم بسبب الفقر وبسبب تراجع الإنتاج وبسبب أزمة النقل وبسبب قلة المحروقات وعدم العلاج في المشافي الحكومية كما يجب وبسبب ..الخ في كفة، وحرمانهم من مياه الشرب بكفة أخرى.
وهنا نسأل أصحاب القرار في المحافظة والعاصمة، هل يجوز أن تقفوا مكتوفي الأيدي تجاه هذا الواقع المر والذي يزداد سوءًا يوماً بعد يوم ؟ أين مبادراتكم ؟ أين تنسيقكم؟ أين حلولكم ؟
ترى هل تعجزون عن ربط مشاريع مياه الشرب بخطوط كهرباء ساخنة أو بطاقة بديلة لضخ المياه منها بشكل جيد للسكان(عدد المشاريع المربوطة بكهرباء دائمة هي 20 مشروعاً فقط من أصل نحو 190 مشروعاً)؟
وهل تعجزون عن وضع برامج بالتنسيق بين شركة الكهرباء ومؤسسة المياه لتغذية هذه المشاريع ليلاً كل عدة أيّام كما حصل الصيف الماضي بخصوصها وبخصوص سقاية الحمضيات؟
لن أدخل في تفاصيل عمل مؤسسة المياه المضنية بسبب التقنين في الكهرباء والمازوت والمال ولن نتحدث عن الخلل الذي يحصل في بعض القرى بسبب مراقبي الشبكات وغيرهم كما يؤكد العديد من المواطنين،وأختم بالقول إن التقصير الحكومي في مجال الكهرباء لايجوز الاستسلام له ولا السكوت عنه طالما وصلت نتائجه لحرمان الناس من المياه بعد أن حرمتهم من الحياة المريحة والعمل والإنتاج، وبالتالي فإن الحل الإسعافي يتمثل حالياً بإعطاء الكهرباء لمدة ساعتي وصل مقابل 4 ساعات قطع، لحين ايجاد الحلول الاستراتيجية التي ننتظرها جميعاً.