شكل اجتماع مجلس محافظة دمشق المنعقد مؤخراً فرصة لبعض أعضائه لاستعراض قدرتهم على النقد وتوجيه أصابع الاتهام فيما بينهم وتقاذف المسؤوليات أمام المحافظ الجديد للمدينة لتبرير حجم التقصير والتقاعس الكبيرين في واقع الخدمات الذي تشهده مدينة الياسمين ومعاناة سكانها اليومية من جراء سوء تلك الخدمات وصولاً لوجود أزمات حقيقية في بعض القطاعات.
فرد أوراق وملفات واقع العاصمة لم يكن بحاجة لكل ذلك الاستعراض المفهوم الغايات، لعدة أسباب لعل في مقدمها أن المحافظ ابن المدينة ولديه كما يفترض تصور واضح عن مشاكلها ودهاليز مكامن الفساد فيها والأهم أن من يعيش أو يقصد دمشق سيلمس بشكل مباشر تردي خدماتها وعدم متابعة المسؤولين عنها، بدءاً من أعضاء مجلس المحافظة ومكتبها التنفيذي وليس انتهاء برؤساء البلديات الذين يتحمل غالبيتها المسؤولية الأكبر عما تواجهه أحياء المدينة من صعوبات وتراخٍ في البت بمعالجتها ومن غيض فيض تلك التجاوزات والمخالفات تحضر مشاهد انتشار البسطات العشوائي في كراجات العباسيين وشارع الثورة والبرامكة وغيرها العديد من المواقع الحيوية فهي إلى جانب التلوث البصري الذي تسببه تعطي مؤشراً أن اتخاذ قرار إزالتها وثم عودتها بعد أيام بأن أصحابها دفعوا المعلوم في دوائر الخدمات لغض الطرف عنهم والطرقات المحفرة في أهم الأحياء وسط المدينة ووقوف المواطنين أوقاتاً طويلة للحصول على وسيلة نقل من جراء تفاقم أزمة النقل في المحافظة لأسباب أيضاً معروفة للجميع، ناهيك بالانتشار الواسع للمتسولين في مختلف الأحياء والمناطق وطبعاً يتصدر هنا بقوة ملف المخالفات لحجم الفساد الكبير الحاصل فيه وهو الذي دفع محافظ العاصمة الجديد لإطلاق تصريح توعد فيه المخالفين بعقوبات وإجراءات صارمة وعليه فإن أي مخالفة ستهدم ولو تم تلبيسها ذهباً، تصريح وصفه البعض بالجريء والبعض الآخر المشكك بالمتسرع لكون الملف كبيراً ويقف خلفه أصحاب نفوذ لن يتمكن أحد من اختراقهم وفك سلسلة الفساد المحكمة التي يشبكون فيها فيما بينهم.
خلاصة القول وبناء على كل ما تقدم يظهر بكل وضوح أن واقع مدينة الياسمين لا يسر أبداً ويحتاج لصاحب قرار قوي وأيادٍ مساعدة ومساندة لحل قائمة أزمات طويلة تعاني منها منذ سنوات.. حل نهائي لا “تسكيجي” وآخر ما تحتاجه المدينة وسكانها المزيد من الكلام والوعود التي تبقى من دون تنفيذ وترجمة فعلية على الأرض .