تعالوا نبحث في أسباب وتداعيات ظاهرة التمدّد على الحقوق العامة بعد أن استفحلت هذه الظاهرة في مجتمعنا وبلدنا تحت عناوين وحجج مختلفة غير موضوعية وغير قانونية في معظمها..
فمستثمرو مساحات محددة من حدائقنا العامة (أكشاك، محلات، وغيرها) تراهم يتمددون على مساحات إضافية غير موجودة في العقد المبرم بينهم وبين مجالس المدن، معظمها مروج خضراء تصل مساحتها لعدة أضعاف من المساحة المرخصة، ومستثمرو مساحات محددة على شواطئنا (إشغالات- عقارات- أبنية- شاليهات- أكشاك ..الخ)نراهم يتمددون ويضعون أيديهم على مساحات إضافية تزيد هي الأخرى أضعافاً مضاعفة عن المساحات المتعاقد عليها.
وهذا الأمر ينطبق على أمور كثيرة أخرى بما فيها الرخص الممنوحة لتشييد أبنية سكنية أو تجارية، حيث أقدم ويقدم الكثير من أصحاب الرخص – وخاصة تجار البناء – على زيادة نسبة البناء على حساب الملك العام خلافاً للرخصة وللقانون والمنظر العام.
في ضوء ما تقدم وغيره نسأل: ما الأسباب التي تدفع هؤلاء المتعاقدين أو المرخصين الى هذا التمدّد، ضاربين عرض الحائط بنص العقد والقانون والمصلحة العامة التي تخسر الكثير من الرسوم من جراء ذلك؟
أعتقد أن هناك عدة أسباب لما يحصل، منها انخراط الأكثرية في ثقافة أن المال الداشر يعلم الناس السرقة وأن أي مخالفة يمكن أن تتم التغطية عليها بالمال أو بالواسطة، وثقافة دبّر حالك واستفد مثل غيرك ممن يتسلم موقعاً أو مفصلاً في هذه الجهة أو تلك، ومنها التواطؤ بين المستثمرين والمشرفين عليهم في الجهات العامة ذات العلاقة، ومنها غياب مبدأ المراقبة والتدقيق والمحاسبة، ومنها اعتماد هذا المخالف أو ذاك على متنفذ قوي هنا وآخر هناك، ومنها أيضاً الجشع ..الخ.
إن هذا الواقع الذي نعيشه ونلمسه في معظم إشغالاتنا واستثماراتنا يجب أن يعالج بشكل نهائي من قبل الدولة عبر مؤسساتها أولاً لجهة تطبيق القانون على الجميع من دون استثناء، ومن قبل المجتمع ثانياً عبر عدم التعاطف مع المخالفين وعدم التشجيع على التمدّد والمخالفة لأي كان.