مسافة قصيرة تفصل بين اتحاد الصحفيين في أبو رمانة، ومكتبة الأسد في ساحة الأمويين، ولكنها بدت لي طويلة جداً، وأنا أسابق كي أتابع الفعاليات التي تقام على هامش (اجتماع الأمانة العامة للكتاب والأدباء العرب) في دمشق بمشاركة 12 اتحاداً عربياً.
كنت متيقنة أنها ستكون متميزة فكل من يعرف الدكتور محمد الحوراني، رئيس اتحاد الكتاب العرب، يدرك هاجسه الثقافي والوطني، يأخذك معه في رحلة معرفية، يعرف كيف يبدأها وإلى أين ستنتهي…
بدءاً من استقبال الوفود من المطار أو من الحدود اللبنانية السورية، وصولاً إلى الاهتمام بأدق تفاصيلهم، وترتيب لقاءات هامة وإقامة المهرجان الشعري، والندوات….
عدا عن انشغاله الدائم حتى أثناء إقامة الفعالية بكل صغيرة وكبيرة، ها هو يصعد المنبر برجولة وحيوية لافتة، ليعتذر لأحد الشعراء، حين جرى القفز فوق اسمه …
إنها الروح الشابة المبدعة التي نحتاجها في الفعل الثقافي، لست هنا بصدد الحديث عن تفاصيل الفعاليات، أو عن النتائج المهمة للاجتماع، وعن فوز سورية بمقعد نائب رئيس اتحاد الكتاب العرب، كلها رصدت في حينه بمواد إعلامية.
بل للذهاب في روح الفعل المعرفي المتجدد، حتى وسط الركون، ها هو ينبش فيه، يبعثره رماداً ويعيد تشكيله بما يؤاتي قضايانا المصيرية، وقيمنا، ودمائنا التي أشد ما تحتاج اليوم للإخلاص…
د. محمد الحوراني وفريقه في اتحاد الكتاب العرب، تميزوا وأتقنوا ما فعلوه، واستحقوا هذا الأثر الثقافي الذي ستنشغل فيه الأوساط السورية، طويلاً وستسعى ليكون قدوتها مستقبلاً..
إنه روح الفريق حين يتحد معاً…. أرادوا.. وخططوا وفعلوا…
امتلكوا مشروعهم لا الوطني فحسب، بل والعروبي في هذا الظرف الغائر في الجرح…!
تعالوا فوقه.. كما فعلنا جميعاً…وهاهم يعيدون الألق الثقافي لدمشق، يحتفون بها وبصبرها، بصلابة أبنائها، احتفاء سيترجمه الشعراء والكتاب الذين حلوا على دمشق، كما يليق بمدينة تصر على النبض مهما تبعثر حولها الركام.