لا تكفي (الغنائم الكارثية) السياسية والمعنوية التي عادت بها نانسي بيلوسي من تايوان الصينية، لا تكفي لرسم الصورة وتحديد معالم المرحلة المقبلة، بقدر ما هي تغوص بعيداً في أعماق الاستراتيجية الأميركية، استراتيجية الإرهاب والخراب ونشر الحروب والفوضى والتحكم برقاب الدول والشعوب والسيطرة على مفاتيح القرار ومصادر الثروة والطاقة.
(الزيارة) المتعمدة والمخطط لها أميركياً لجهة التوقيت الاستثنائي الذي يمر به العالم، هي بمثابة نزع صاعق تفجير العالم بعد أن جهدت الولايات المتحدة خلال الفترة الأخيرة بتفخيخ كل الأماكن القابلة للانفجار بغية نسف كل القواعد التي ارتسمت بفعل التحولات الجارفة التي عصفت بالمشهد الدولي خلال المرحلة الماضية، والتي أخذت في طريقها كل مفاتيح الغطرسة والهيمنة والآحادية الأميركية.
بيلوسي التي عادت من تايوان بوسام (الغيوم الميمونة) الفخري، سوف لن ينسى العالم أنها حملت معها إلى تلك الجزيرة الصينية الغيوم السوداء المسمومة التي ستهطل خراباً ودماراً على كل الذين يهرولون مغمضين خلف الأوهام والطموحات الانفصالية التي يزرعها في مخيلتهم الأميركي ليس في تايوان فحسب، بل في كل مكان يسيل فيه لعاب الأميركي لاحتلاله ونهبه وتثبيت قواعده فيه.
سياسة (الغيوم السوداء) أو (الغيوم المسمومة)، باتت المحرك الأساسي للاستراتيجية الأميركية التي تسابق الزمن لاستعادة (الزمن الأميركي)، ولاسيما أن العالم بات على أعتاب نظام دولي جديد متعدد الأقطاب يكون أكثر توازناً وعدالة من النظام السابق الذي كان ينوء تحت الهيمنة والغطرسة الأميركية.