اخترق الحصار الاقتصادي بعقوباته السامة حياة المواطن السوري وتغلغلت في تفاصيل يومياته، والتي أصبحت مشبعة بالتوتر والقلق وانفعالات مصحوبة بمعارك لفظية وحرب كلامية سواء في المنزل..في الشارع أوالعمل تنفيساً عن ضغوط حياتية وأوجاع وآلام أرهقت المواطن.
الصراخ تلك العادة المزعجة والأسلوب الخاطئ في سلوكياتنا الحياتية، ولاسيما في التربية الأسرية إذ ينتزع وقار الوالدين ويجلب متاعب صحية ونفسية لهما وللأبناء.
تبيّن دراسة ميدانية في الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان بشأن سوء معاملة الأطفال في سورية، أنّ أكثر أنواع العنف انتشاراً وفقاً لما صرح به المعنفون هي: الصراخ والشتم والتوبيخ والتجريح.
والأمر نفسه ينسحب أيضاً في المدارس إذ بالرغم من صدور العديد من القوانين والتعليمات التي تمنع استخدام العنف مع التلاميذ إلا أنّ بعض معلمي المدارس ما زالوا يتخذون من العنف وسيلة للتعليم والتربية والضبط المدرسي، ولاسيما الصراخ بالسباب والذم والسخرية والاستهزاء وتلقيب التلاميذ بأسماء تحط من قدرهم، وهذا العنف الصوتي واللفظي هو الأصعب في رصده والتعرف إليه، وتكمن مشكلة الأطفال في اعتبارهم ممتلكات شخصية لمن يقدم لهم الرعاية والمفترض أنه معني بحمايتهم من آباء ومدرسين وعلى ما يبدو نسي هؤلاء الألم الذي سببته لهم أساليب المعاملة في صغرهم فتجدهم يحاكون سلوك آبائهم وأجدادهم في معزل عما يجري حولهم من تغيرات جذرية في أساليب التربية الحديثة.
الحب والحوار والابتسامة، وبدائل تربوية كثيرة تتحدى أساليب التربية الصارمة التي يعدّها البعض شكلاً مقبولاً من أساليب التهذيب ولا يحق لأحد التدخل بها.