دخلت أغلبية الأسر السورية في دوامة العمليات الحسابية لتكاليف مستحقات قادمة يفرضها كل عام قرب حلول شهر أيلول أو شهر الميم، كما اعتاد السوريون تسميته لمتطلباته الكثيرة من تحضير المونة ومستلزمات المدارس ومازوت التدفئة.
ويبدو أن كل عمليات الحساب وضرب الأخماس بالأسداس لن تفلح في تحقيق أدنى حد من التوازن بين دخل شحيح لشريحة واسعة من المواطنين ومصاريف كبيرة جداً فرضها غول ارتفاع أسعار غير مسبوق لأغلبية المواد والسلع مجرد الإعلان عن تكاليف بعضها يثير حقيقة حالة من الرعب والقلق عند الأسر لعلمها بعجزها عن تأمين ولو بعضها، سواء على صعيد مستلزمات المدرسة من كتب وقرطاسية وحقائب وألبسة قدرت للطالب الواحد بحدود 300 ألف ليرة أو تكلفة تحضير المكدوس مثلاً، وهنا أيضاً ذكر أن تكلفة المكدوسة الواحدة ألف ليرة سورية، أما مازوت التدفئة فالواقع أن الخزانات الموجودة على أسطح الأبنية والتي اعتاد أغلبية المواطنين تعبئتها قبل حلول فصل الشتاء ستبقى فارغة وبيته برأس القلعة من استطاع تحصيل الـ 50 ليتراً أو حتى بدون 20 ليتراً ليؤمن أياماً قليلة من الدفء لأفراد أسرته.
واقع مرير وقاسٍ تواجهه العائلات ليس وليد ساعته أو طارئاً وإنما يتكرر كل عام ويعزز قناعة المواطن بعدم القدرة على معالجته وإيجاد حلول مستدامة لأزماته العديدة، والمضحك المبكي اكتفاء بعض المعنيين بالطلب من التجار والمستوردين الذين يصدرون فواتير وهمية، في حين أنهم يتقاضون أسعاراً مرتفعة بالتوقف عن ذلك، نعم بكل بساطة اكتفوا بمطالبتهم وتهديدهم بالضرب من دون ذكر الأداة المستخدمة، علماً أن الإجراء المطلوب هنا تطبيق القانون بشدة وعدم التساهل مع مخالفة فاضحة ومعلومة بهذا الشكل .
مختصر القول: إن مرحلة التدهور التي وصلت حد انهيار قطاع الدواجن وهو قطاع هام وحيوي وأسعار منتجاته التي فاقت كل التوقعات والكل وقف عاجزاً أو فاقد القدرة على اتخاذ إجراءات فاعلة تنعش القطاع وتعالج مشاكله المستمرة يعطي تصوراً واضحاً عن السياسات والخطط والتوجهات الاقتصادية “تتبع بأغلب الأحيان بقرارات خاطئة ومتسرعة” أثبتت للأسف فشلها وعجزها في معالجة أزمات اقتصادية ومعيشية لا يزال المواطن يعاني منعكساتها السلبية الكثيرة، ومع ذلك يصر بعض المعنيين على المضي فيها والوقوع بالأخطاء نفسها والأخطر الاستمرار بخيار الحلول الآنية، كما خيار الجباية لسد العجز بدلاً من دعم الإنتاج الحل الضامن لذاك العجز وهو من يزيح جانباً كبيراً أيضاً من معاناة الناس.