كأن الأنشطة الثقافية عصية على الفلسفة والتفكير، كأنها تحتاج إلى كل هذا التبسط إلى الحد الذي يشعرك بلا معنى ما يقدم، تغيب عن الأنشطة وعندما تعود لا شيء خسرته.
ها أنت وجه لوجه مع كل الأفكار التي مرت عليك سباقاً، تتغير الوجوه، والأفكار نفسها…!
من الذي يجعلنا ندور في النفق ذاته، دوران لا طائل منه، كأنك تلتقط الفكرة مراراً ثم ترميها للآخر يعيد تدويرها، ويقدمها ضمن رداءٍ جديدٍ، وليته أنيق…
اليوم عالم الفكر الحقيقي بمنأى عن الناس، ليس هو من ينأى عنهم، بل هم يبتعدون عنه كأنه وباء العصر، ربما نعذرهم حين نرى كل هذه التفاهة والقباحة التي تنتشر فيما بيننا على أنها اليوم في عالم الاتصال والوسائط المتحضر هي هيكليته المبتكرة، بينما التفكر والتفكير، وحتى النقد، عوالم مهمشة لا تجد من يقترحها، ولو من باب التغيير.
إن لم تصبح ذات مغزى لتطلعاتنا المتغيرة لا اعتماداً على واقع ثقافي وتكنولوجي وفكري متغير، بل يضاف لهذا كله الأخذ بعين الاعتبار إيقاع معيشي ساحق…
وإلا فإن كل تلك الأنشطة ستبقى كما هي تدور في القوقعة ذاتها، بصمت مطبق، كأنها مجرد ذرات تتناثر في يوم صيفي، سرعان ما تذوب مع أول رذاذ ماء يقترب منها، دون أن تطفئ ظمئ مرتادي تلك الأنشطة ولا حتى المشاركين فيه…والذين يدركون في اعماقهم خواء ما يفعلون، الأمر الذي يحيلهم إلى ازدواجية تربكهم وتشل قدرتهم على التعاطي مع التجديد، وتصدير ما يلائم مجتمعات اتقدت حد الإحتراق ومع ذلك فها نحن نتناساه، وكأنه لم يوجد…!