الملحق الثقافي – غسان شمة:
في زمن ما كانت السينما طقساً له دفئه الخاص، ولعل البعض منا حضر الكثير من الأفلام في طفولته حيث كان يوم الأحد، على ما أذكر، مخصصاً لسينما الأطفال في صالة الكندي.. وفي الصالة نفسها كانت الأسابيع السينمائية ملتقى الكثير من عشاق هذا الفن على اختلاف مشاربهم الفكرية وأعمارهم، وكان للأسرة حضور مميز في هذه الصالة وغيرها كدور الزهراء والسفراء وغيرها، وكانت بعض الأفلام يستمر عرضها لأشهر في ظل حضور كبير..
وفي استعادة لذاكرة السينما، يذكر الأستاذ محمود عبد الواحد في دراسة توثيقية، تعود لمنتصف التسعينيات، أن «جناق قلعة» هي أول صالة أنشئت عام 1916 لكنها احترقت وحل محلها البرلمان السوري.. واللافت أن عدد الصالات التي شهدتها مختلف المدن السورية، وصل إلى 112 صالة ما لبثت مع مرور الوقت وتقادم الزمن ودخول التلفاز، وعوامل أخرى عديدة، أن تناقصت بشكل كبير حتى باتت اليوم تعد على أصابع اليد الواحدة في مدينة دمشق التي وصل عدد الصالات فيها إلى 27 اندثر معظمها، بل أصبحت اليوم قليلة جداً.. والأمر نفسه ينطبق على مدينة حلب التي تجاوز عدد صالاتها العشرين في وقت ما. ولا يختلف هذا الواقع في مدن أخرى كحماة وطرطوس واللاذقية ودير الزور وغيرها من المدن السورية، مع فارق في عدد الصالات، لكن شاهدنا هنا هو تراجع هذه الحالة الثقافية والاجتماعية حتى باتت على وشك التلاشي، لا بل إن بعض المدن الصغيرة افتقدت هذا الحضور لأسباب متنوعة، لسنا في وارد الحديث عنها بقدر الإشارة إلى هذا الواقع الجديد..
في بلاد العالم يبقى للسينما حضورها الآسر رغم غزو التلفزيون والكثير من وسائل التواصل لكن مثل هذا الواقع يحتاج لدراسة واسعة ومعمقة للوقوف على الظروف والعوامل التي وصلت بالسينما إلى حالها اليوم حيث باتت، تقريباً، مقتصرة على أهل الكار وقلة قليلة جداً ممن يحن للشاشة الكبيرة..
العدد 1108 – 23- 8-2022