الملحق الثقافي – شهناز صبحي فاكوش:
سنعمل حتى آخر نفس.. مقولة رددها الكثيرون ممن حققوا نجاحات في حياتهم، وتمثلتهم أوطانهم.. ممدوح عدوان قبل الغياب بقليل كان قلمه في يده، ليخط أجمل ما قال وما كتب (نحن محكومون بالأمل) أطباء غادروا الدنيا وهم يعالجون مرضاهم.. فنانون وقعوا على خشبة المسرح قبل إسدال الستار على المشهد الأخير.. وآخر غنى أجمل لحن وهو يصارع الموت..
تقدم العمر لا يعني تموت الحياة، حين نقطف وردة عن أمها تذبل إلى أن تموت وتتيبس.. لكن حتى الورد المتيبس يمكن أن يكون مصدراً للجمال، عندما نحسن التعامل معه.. الجرّاحة إيلا لوفشلينا فرس السباق الروسية، كما تسمي نفسها، أنموذجاً للعطاء حتى النهاية.
جاوزت الثالثة والتسعين ممسكة بمشرطها، لم ترتعش يدها يوماً.. واحد وسبعون عاماً وصفر وفيات.. العطاء لا يتقاعد.. فالتوحد مع القلم والحرف والكلمة والمشرط والمشهد.. يولد طاقة جبارة تجعل العمر رقماً ليس إلا.. الإرادة الحديدية هي الأهم في الحياة. ليستمر ثمر الشجرة.
المجتمع الذي يعرف كيف يحترم القدوة، يصبح للعمل فيه قدسية، تحترم الخبرة والسن.. العمل مدى الحياة يُخرج أجمل ما في المرء من خبرات صقلت مع تقدم عمره.. فتبقى حافزاً للعمل والفكر والقلم.. ما أجمل أن يقضي المرء وإرثه يزداد ألقاً.. ما بين الأوراق والقلم والمشرط..
أما كان لنزار قباني حصة من هذا الألق.. من يأخذ زاوية التقاعس بحجة التقاعد يذبل ويجف حتى ينتهي بسكون دامس.. بينما هو في عز عطائه لو أراد.. حين يُعْمِلُ المرء إرادته يبدأ نهج الاستمرار لعمر يتجدد مع تقدم السن.. يعتصر نتاج عمره، فيخرج أطيب زيت برص الزيتون.
الأمر بسيط.. إرادة وجرأة في مقاربة الأشياء، وتسييدٌ لمنطوق الحكمة ومنطق الفكر؛ على الرقم المدون في البطاقة الشخصية. في التصميم نحيا لأجل استمرار الحياة. ويقيننا أن الموت، لابد آت في وقت محتوم.. لكن نسعى ليبقى أثر عطرنا حتى لو كنا تحت التراب.
العدد 1108 – 23- 8-2022