بما أننا موظفون بالدولة وفي القطاع الخاص ونعمل لحسابنا أيضاً “منحة الرئيس” تصل إلى 500 ألف ليرة للكثير من الأسر
الثورة – خاص – مرشد ملوك:
يتحدث العامة والمتخصصون عن معجزة يقوم عليها الاقتصاد والمجتمع السوري، في حال شبه غريب للارتدادات والعقابيل التي خلفتها الحرب والتي لم تتوقف فصولها إلى اليوم.
يعمل “السوري” موظفاً في الدولة بشقيها الإداري والاقتصادي ويعمل في شركات القطاع الخاص وفي القطاع المشترك ويعمل في الاتحادات بكافة نشاطاتها وأطيافها، مقابل الراتب الموحد، يضاف إليه المكافآت والعلاوات حسب كل قطاع وحسب النظام المالي الذي يخضع إليه، لكن ذلك – كما هو معروف للقاصي والداني – لم يعد يكفينا لأيام أقل من عدد أصابع اليد الواحدة.
ويعمل السوري في كل أشكال ونشاطات شركات القطاع الخاص من مؤسسات خاصة عريقة وفي مؤسسات الاقتصاد الجديد، في المصارف والتأمين وفي المدن والمناطق الصناعية، ويتقاضى الإداريون والإنتاجيون والفنيون رواتب أفضل من موظفي الدولة لكنهم مقابل ذلك يعملون لساعات عمل طويلة، والكفاءة والخبرة شرط أساسي لاستمرارهم في عملهم.
ويعمل”السوري” بالمرتبة الثالثة – إن صح التوصيف – في مشروعه الخاص الصغير الحرفي والتجاري ويعمل “دكنجياً” ووسيط عقارات، ويعمل معلم صحية وكهرباء وتندرج سلسلة من المهن في صيانة السيارات التي تدر الأرباح الكبيرة جداً على من يمارسها، ويندرج كل ذلك تحت خانة أصحاب المهن وهي طبقة أصلحت عملها مع آليات السوق المالية، فكانت ناجية بالفعل من ارتدادات وعقابيل الحرب الاقتصادية.
بنفس المستوى يمكن الحديث عن سوريين يعملون في المنظمات الدولية العاملة في البلاد وهذه فئات محدودة قياساً مع العدد الكلي لقوة العمل.
في النظرة البانورامية وفي التحليل تتداخل الفئات الأربع مع بعضها البعض بشكل غريب وعجيب، وهنا وفي عينة محددة على سبيل المثال ترى فئة من موظفي الدولة يعملون في الدولة وفي القطاع الخاص ولديهم أعمال خاصة كذلك الأمر، وفي عينة ثانية ترى موظفين في القطاع الخاص يعملون بأكثر من عمل وبنفس الوقت يدير الشخص نفسه عملاً خاصاً بسيطاً لحسابه الشخصي، وقس على ذلك في حالة اقتصادية واجتماعية لا يمكن قياسها.
ونرى أيضاً من يقضي أيامه ولياليه يشكي ويندب حظه المتعثر في هذه الدنيا، ولا يتورع عن نقد وتجريح كل من يعمل وكل من هو حوله وأبعد من ذلك أيضاً، يعني القصة متداخلة مع بعضها البعض بطريقة معقدة.
أمام الحال السابق جاءت “منحة السيد الرئيس” وبقيمة 100 ألف ليرة سورية.. وفي النظرة السطحية والأولية.. قد نقول: ماذا ستكفي ونحن على أبواب “أيلول المكدوس والبصل اليابس والمدارس” وهي 100 ألف ليرة؟؟. لكن في العمق والحقيقة تصل المنحة إلى 200 ألف ليرة في أسرة فيها الزوجان موظفان، وهي بالفعل تلامس 500 ألف ليرة سورية في بعض الأسر.
ناهيك عن قصة القطاع الخاص وتداخل عمل الدولة والقطاع الخاص مع بعضه كما ذكرنا، لذلك من الضرورة أن يحذو القطاع الخاص السوري بكافة أطيافه حذو الدولة، ومع “حبة مسك” ويقدم منحة لموظفيه، وهذا ما يجب أن تتابعه وزارة العمل، وأدعوها لكشف شركات القطاع الخاص البخيلة ونشر قوائم باسمها عبر الإعلام.
إن “منحة الرئيس” هي مكرمة في محلها لأن امتداداتها توازي وتمتد مع العمل الذي يقوم به أي شخص منا، ومنه تكون المعجزة السورية التي ستتحول إلى حقيقة اقتصادية واجتماعية بإذن الله.