عندما اقتحمت وسائل التواصل الاجتماعي (الفيس – اليوتيوب – الواتس) وغيرها حياتنا اعتبرناها البديل القادم عن التلفزيون والصحف الورقية والهاتف، ولكن مع مرور الأيام ثبت العكس.
فهي لم تستطع أن تقدم الفائدة المرجوة منها، طبعاً ليست هي السبب بل نحن، لأن هذه الوسائل في جميع دول العالم لعبت دوراً مؤثراً في كافة مناحي الحياة، وكونت رأياً عاماً في أي قضية تم تسليط الضوء عليها من قبل هذه الوسائل، لكن نحن أخذناها إلى مكان آخر بعيداً كل البعد عن الغاية المرجوة منها.
ينشر أحدهم على صفحته في الفيسبوك على سبيل المثال (أنا اليوم في مزاج سيء)، وآخر (أنا لم أتناول فطوري بعد) وثالث يطالعنا بتحديث ملفه الشخصي كل ساعة، لتنهمر عليهم مئات الإعجابات والتعليقات التي تعبر عن تضامنها مع هذا لسوء مزاجه اليوم، والثاني لأنه لم يتناول فطوره.. الى آخره.
وعندما يقوم أي كاتب أو صحفي بنشر معلومة مفيدة أو مقالة صحفية تستحق القراءة أو التوقف عندها والتفاعل معها تكون الصدمة كبيرة، لأنه في أحسن الأحوال يحصل على ستين أو سبعين (لايك) أي إعجاب، وغالبية هذه الإعجابات تكون مجاملة لشخص الكاتب من دون قراءة ما كتب، أما أغلب التعليقات على المادة فهي لا تتفاعل معه أوتناقشه في ما كتب بل تسلم عليه وتتمنى له الصحة والعافية.
تدخل على عشرات صفحات الفيسبوك ولا تخرج بفائدة تذكر في الغالب الأعم، طبعاً لكل قاعدة استثناءٌ، فهنالك بعض الصفحات نجحت في حجز مكانها كوسائل إعلامية ذات قيمة، لكن الأمر الأشد خطورة كان خلال الأزمة التي ألمت بسورية، حيث ظهرت آلاف صفحات التواصل الاجتماعي أو ما يعرف (بالتنسيقيات) التي كانت متخصصة فقط في نشر الأكاذيب والأراجيف لتدمير النسيج السوري، وأصبحت منبراً للإرهابيين لبث أفكارهم والتحريض على كل من يخالفهم الرأي.
وسائل التواصل الاجتماعي بأنواعها غيّرت الكرة الأرضية وطريقة حياة الناس، وسهلت التواصل بينهم، وتحوّل العالم إلى قرية كونية واحدة، وأصبحت عادات وتقاليد جميع أمم الأرض متاحة أمام الجميع، أي تحوّل العالم إلى قرية كونية واحدة، وأصبح العيش من دون وسائل التواصل الاجتماعي مستحيلاً.
ونحن من هؤلاء الناس، فما الذي ينقصنا حتى لا نستفيد أحسن استفادة من هذا العالم الافتراضي ونسخره لنا لا علينا؟.