باعتبار أنّه من غير الممكن – على ما يبدو – التورط بأي حلمٍ من شأنه الميل باتجاه تخصيص ( تعويض بطالة ) للعاطلين عن العمل الذين تقطّعت بهم السبل دون أي عملٍ ولا أي دخلٍ من أي جانب، وذلك ريثما يجدون عملاً أو دخلاً معيناً، على الرغم من أن مثل هذا الأمر يمكن أن يُنظّم بطريقة موضوعية وممكنة.
مثلاً ما الذي يمنع أن تقوم إحدى الجهات المتخصصة بالشؤون الاجتماعية وتعلن أنها تفتح الباب أمام هذه الشريحة لأن تنظم نشرة استعلامات – معتمدة رسمياً – يشرح الواحد منها بهذه النشرة أحواله وظروفه وكيف هو عاجز عن عدم إيجاد عمل ولا دخل، ويقدّمها إلى تلك الجهة المتخصصة على شكل طلب تعويض بطالة شهري، أو طلب لإيجاد سبيل للعيش عبر إيجاد دخل معين، ومن ثم تُدرس هذه المعلومات بشكّل جدي وميداني، ويكون مقدّم الطلب على علمٍ ويقين أن أي معلومات غير صحيحة سوف يتحمّل مسؤوليتها وتكلفه الكثير، ونتيجة الدراسة الدقيقة يمكن اتخاذ القرار المناسب سلباً أو إيجاباً، وليس بالضرورة أن يكون القرار الإيجابي ينضوي على تخصيص تعويض بطالة، وإنما قد يكون صاحب الطلب يتقن مهنة معينة ولكنّه غير قادر على ممارستها لعدم توفر الإمكانات والوسائل اللازمة لممارسة المهنة، يمكن تحديد هذه الإمكانات والوسائل ودفعها باتجاه الشخص لينطلق في عمله، ويتعهد باسترجاع التكاليف – ما دام سيصير من أصحاب الدخل – على أقساط ميسّرة.
ويمكن لشخص آخر – مثلاً – أن يكون قادراً على إشغال وظيفة أو عمل معين في جهةٍ ما من مختلف القطاعات ( عام وخاص ومشترك وأهلي .. إلى آخر ما هنالك ) وتكون الجهة المتخصصة في الشؤون الاجتماعية قد وضعت ( بنك وظائف وأعمال ) متاحة في مختلف تلك القطاعات، فيجري توجيه بعض مقدمي الطلبات إلى تلك الجهات للعمل بشكّل دائم أو مؤقت على شكل عقود أو مشاهرة أو مياومات أو حتى جداول تنقيط .. فهذا لا يهم .. المهم أن يعمل ويجد دخلاً، فتكون تلك الجهة المتخصصة كصلة وصل بين القابعين في دائرة البطالة من جهة وأماكن العمل من جهة أخرى.
يبقى من يكون من العاطلين عن العمل أولئك غير القادرين على ممارسة مهنة، ولا أي عمل، فهؤلاء يمكن أن يُخصص لهم ولو مبلغ بسيط كتعويض بطالة يعينهم على حياتهم القاسية.
لا شك بأن تمويل تلك الجهة المتخصصة ( المُفترضة ) سيكون هو العقدة، ولاسيما لجهة تأمين تكاليف تلك المهن، أو ما يلزم من أموال لتوفير تعويضات البطالة التي يمكن أن تُخصص، وهذا الأمر يمكن أن يُحلّ بطريقة أو بأخرى، كأن يُحدث صندوق تكافل اجتماعي لهذه الغاية تموله الدولة وجميع المواطنين أصحاب الدخل، على شكل رسومٍ وتبرعات، ونعتقد أنه لن يحظى إلاّ بالدعم الكبير لاسيما وأننا في هذه الظروف القاسية علينا جميعاً كأفراد مجتمع أن نكون متضامنين ومتعاونين مع بعضنا وبقوة حتى نتمكن من المرور في هذا النفق المظلم المفروض علينا من قبل الأعداء والظروف.
باعتبار أنه من غير الممكن التورّط بمثل هذا الحلم – على الرغم من إمكانية تحقيقه فعلاً – فإنه بإمكاننا العمل على تجزئته إلى شرائح ونحدد أولويات، كأن نبدأ بعمليات تشغيل المهن وتأمين الوظائف والأعمال، وتخصيص تعويضات البطالة للنساء فقط العاطلات عن العمل والمقطوعات من شجرة، ولا دخل لهم ولا معين، علّنا بذلك نحافظ على كرامتهن ونكفيهم شرّ السؤال.