بين قصص العدالة المتعلقة بساعات توزيع الكهرباء على المناطق والأحياء، والحاجة الفعلية لها وأهمية النظر في خصوصية كل منطقة .. تكمن المشكلة الكبرى التي يشتكي منها الأهالي في أغلبية المناطق الريفية، حيث الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي لأكثر من خمس ساعات، يقابلها نصف ساعة وصل. يؤثر بشكل كبير على مفاصل الحياة اليومية للأهالي وفي مقدمتها عدم القدرة على ضخ المياه إلى الأحياء والبيوت.. ووصول عشرات القرى لمرحلة العطش الشديد وعدم وصول مياه الشرب إليها، رغم امتلاكها لينابيع المياه العذبة.
أهم ما يثار اليوم تجاه هذا الموضوع .. هو ضرورة حصول الجميع على حصص متساوية من هذه الطاقة، وإنهاء حالة العجز الواضحة في عدم القدرة على توفيرها بالشكل الأمثل. وخاصة أن الكهرباء تتوافر لبعض المدن بما يعادل ثلاث ساعات وصل مقابل ثلاث ساعات قطع أو ساعتي وصل مقابل أربع ساعات قطع. في حين يعاني سكان الأرياف وخاصة في حماة وطرطوس من غياب شبه تام للكهرباء، فالوقت المخصص لهم بالكاد نصف ساعة.
ومن المفارقات أنه يجب على العائلة خلال نصف ساعة أن تقوم بجميع المهام المطلوبة والتي يحتاج إنجازها إلى الكهرباء، وخلال نصف ساعة يجب أن تنهي الدوائر الحكومية في الأرياف عملها مع المراجعين، وخلال نصف ساعة على مضخات المياه أن تعمل لضغط المياه وإيصاله إلى الأهالي ووو إلخ. وبالتالي تكون حصة هذه المناطق من الكهرباء هي ساعتين فقط خلال 24 ساعة في ظل غياب شبه تام لوسائل الطاقة الأخرى من غاز ومازوت وبنزين التي قد يستعيض بها الناس لقضاء حاجتهم.
وعلى الرغم من البشائر المتعددة التي أطلقتها وزارة الكهرباء بتحسنها، إلا أن الكهرباء اليوم هي بأسوأ حالاتها، وما أعلن عنه المعنيون في نهاية العام الفائت ووعدوا به عن تحسن كبير وملحوظ للكهرباء في بداية النصف الثاني من عام 2022 من خلال إنشاء محطة في اللاذقية وإصلاح محطتين في حلب بكلفة 126 مليون يورو، إلا أن ذلك لم يتجاوز مرحلة الوعود.
مشكلة نصف ساعة وصل للكهرباء أصبحت مؤرقة جداً لسكان هذه المناطق في الوقت التي تشكل الكهرباء عصب الحياة على جميع المستويات، ولا نبالغ إن قلنا إن هذا العصب أصبح مشلولاً وتعطلت معه معيشة الناس وأعمالهم. كما أنه من غير المقبول أن يقول قائلاً: عليهم بالطاقة البديلة لأنه وباختصار سكان هذه المناطق أغلبيتهم ليس لديهم القدرة على البدائل وتكلفتها المرتفعة جدا. وإن كان هناك حل بالتعويض بالبدائل لماذا لا تقوم به الجهات الحكومية لتشغيل مضخات المياه وتسيير أمور الناس في الدوائر العامة، أو لماذا لا تتولى هذه الجهات عملية بيعه للمواطنين بالتقسيط بدلاً من تركه سوقاً سوداء يتحكم بها كبار الجشعين من حيث السعر والنوع والمصدر وغيرها.
ثلاث سنوات من التقنين الجائر ولا نجد حلولاً سوى المتاجرة بالبدائل، ودفع الناس للتفكير في كيفية تأمين المبالغ المالية الكبيرة التي تحتاجها هذه البدائل في ظل غياب الثقة في تحقيق الهدف المرجو منها.