الثورة – رشا سلوم:
ربما يظن الكثيرون أن الولايات المتحدة لم تقدم الكثير للمشهد الثقافي والإبداعي في العالم ونعني بالكثير الكتاب والمبدعين ..وهذا الظن ليس صحيحا تماما بل فيه شيء من الظلم للكتاب الأميركيين الذين ظلمتهم غطرسة دولتهم ولم يلتفت إليهم النقاد والمتابعون .
ولكن من يبحث في صفحات الأدب الأميركي فسيجد الكثير من الكتاب والمبدعين.
الدكتور عابد إسماعيل علمنا انه أهل لذلك يغوص ليقدم الجديد الذي لا نعرفه.
وتتولاه دار التكوين بإدارة الشاعر سامي احمد نشرا وتوزيعا للقارىء العربي.
جديد الدكتور اسماعيل ترجمة الأعمال الكاملة للشاعرة ايميلي ديكنسون.
محطات في حياتها
تقول الموسوعة الحرة :
وُلدت في ولاية ماساشوسيتس في الولايات المتحدة 10 كانون الثاني 1830 وتُوفيت فيها 15 ايار 1886 متأثرة بمرض في الكلى.
وهي الابنة الوسطى لثلاثة أبناء من إحدى العائلات المحافظة والعريقة في نيوإنغلند، كان لجدها دور في تأسيس جامعة إميرهست. والدها إدوارد ديكينسون رجل الدولة والسياسي ذو النزعة الوطنية، أخوها أوستن تعلم في مدرسة القانون وعمل كمحام، تزوج سوزان جيلبرت التي كانت مقربة بشكل خاص من إميلي، أما أختها الشقيقة لافينيا فلقد عاشت في عزلة مماثلة لعزلة إميلي. هكذا كانت حلقة العائلة، المكونة من الأخت والأخ وزوجته، الحلقة الأكثر إلهاما لملكات إيميلي الشعرية ــ بحسب رأي النقاد.
ظلت في بلدتها منذ نشأت حتى وفاتها، ولازمت منزلها الذي لايزال قائما حتى الآن كمتحف خاص بها، وكانت لا تفارقه إلا في الضرورة القصوى. على امتداد حياتها القصيرة نشرت إيميلي عشر قصائد، وخبأت لنا في خزانتها ما يناهز الألفي قصيدة جمعتها على طريقتها في مجلدات كثيرة، نشر أول تلك المجلدات بعد رحيلها بأربعة أعوام، ونشر آخرها العام 1955. تركت ديكنسون وراءها إرثا غزيرا والكثير من الألغاز والحكايات حول حياة سرية مفرطة في العزلة في زمن العالم الجديد. فبحلول العام 1860 عاشت ديكينسون في عزلة شبه تامة عن العالم الخارجي، لكنها داومت بانتظام على المراسلة (تجاوز عدد رسائلها الألف رسالة)، أما بالنسبة إلى قراءتها الشعر، فالأرجح أنها إن كانت قرأت بعض قصائدها فذلك لم يتجاوز نطاق العائلة والمقربين فقط.
أمضت ديكنسون سبع سنوات في الأكاديمية، حيث درست الأدب الإنكليزي والكلاسيكي، واللاتيني، وعلم النبات، والجيولوجيا، والتاريخ، و«الفلسفة العقلية»، والحساب. يتذكر دانييل تاغارت فيسكي، مدير المدرسة في ذلك الوقت، في ما بعد أن ديكنسون كانت «باحثةً ممتازةً ومتألقةً جدًا، ومثالاً يُحتذى به في السلوك، ووفية في جميع الواجبات المدرسية». على الرغم من أن لديها فترات غياب قليلة بسبب المرض -كان أطولها في 1845-1846، عندما كانت مسجّلة لمدة أحد عشر أسبوعاً فقط- فقد استمتعت بدراستها الشاقة، وكتبت إلى صديق ما مفاده أن الأكاديمية «كانت على ما يرام إلى حد كبير».
وعندما أُصيبت إيميلي بالصدمة. كتبت إيميلي بعد ذلك بعامين وهي تتذكر الحادثة التي وقعت، «يبدو لي أنني يجب أن أموت أيضًا إذ لم يُسمح لي بمراقبتها أو حتى النظر إلى وجهها». أصبحت كئيبة إلى درجة أن والديها أرسلاها للبقاء مع العائلة في بوسطن للتعافي. بعد استعادة صحتها وروحها، عادت بعد فترة وجيزة إلى أكاديمية أمهرست لمواصلة دراساتها. خلال هذه الفترة، التقت بأشخاص أصبحوا مراسلين وأصدقاء لها مدى الحياة، مثل أبييا رووت، وآبي وود، وجين همفري، وسوزان هانتينغتون غيلبرت (التي تزوجت لاحقًا أوستن شقيق إميلي
إلى العربية ..
يقول عابد إسماعيل:
ككلّ عبقريةٍ فذّةٍ تعرفُ بالفطرة كيف تدوّن صمتَها، صوتَها، نبرتَها، خلجاتِها، قلقَها، فرحَها، انكساراتِها، حيرَتهَا، وتناقضاتها، كانت ديكنسون تعرف جيداً كيف تصقلُ لغتها، وتبتكرُ منظومتَها الرّمزيةَ والمعرفية، وتقاربُ موضوعَها من زاويا عدّة، قلّ نظيرها، إلاّ أنّها أيضاً كانت تعرفُ كيف تتوارى وتتخفّى وتراوغ. تنحتُ وتبتكرُ وتؤلّفُ. تبني وتهدمُ في آن. لا تأبه لتقليدٍ شعريّ أو نظمٍ عروضي. تتركُ مخيلتَها تقتحمُ الممنوعَ والمحرّمَ، دينياً واجتماعياً وحتى لغوياً. يقول عنها الناقد المرموق هارولد بلوم: “وباستثناء شكسبير، تتجلّى ديكنسون أكثر أصالةً معرفيةً من أي شاعرٍ غربيّ آخر منذ دانتي.”
ماتتْ وهي تلعبُ،
فسختْ عقدَها
مع السّاعاتِ المعطوبةِ
ثمّ نامتْ سعيدةً
فوق أريكةٍ من الوردِ.
شبحُها شوهدَ يعبرُ التلّةَ
البارحةَ، واليومَ،
ملابسُها سحبٌ فضّيةٌ-
ووجهُها رذاذٌ.
كتاب : الأعمال الشعرية الكاملة
تأليف : إميلي_ديكنسون
ترجمة و تقديم : دكتور عابد اسماعيل
اصدارات_دارالتكوين2022