في القطاع العام الاقتصادي السوري وفي القطاع الإداري.. الشخص الذي يعين “مديراً عاماً” يشار إليه بالأصابع العشر،على الرغم من أنه لا يطرأ أي تعديل على سلسلة الرواتب والأجور التي يتلقاها إلا ما يفرضها بريستيج المدير العام وبعض العلاوات المحددة بالقانون.
لكن المفاجأة والصدمة كانت كبيرة عندما أعلنت هيئة الأوراق المالية السورية في عقد ما قبل الحرب عن قيمة الرواتب والتعويضات التي وصلت في وقتها لحدود بين 5- 10 ملايين ليرة ،كان يتلقاها مديرون تنفيذيون أو ما يسمى رئيس تنفيذي للمؤسسات المالية والنقدية خاصة في المصارف الخاصة والتأمين وفي مؤسسات إنتاجية خاصة أخرى.
في وقت كان يتلقى المدير العام في الدولة بضع عشرات آلاف من الليرات السورية، وهذا أظهر تناقضاً كبيراً حول بيئة عمل واحدة، وهو يطرح اليوم إصلاح المراتب الإدارية العليا وربط تعويضاتها بإنتاجها، لا بشيء آخر.
بالمستوى العام يمكن القول بأن الأدبيات الإدارية حفلت بالكثير من الصفات والمواصفات التي تحدد وتميز المدير العام، وفي هذا تبيين أن هناك فرقاً حتى فيما بين المدير العام والمدير العام التنفيذي، اذ إن كلمة المدير العام أكبر وأفخم، والمدير العام التنفيذي تجنح مهمته إلى تنفيذ سياسات تنفيذية وفنية وهذه غالباً تسمية يفضلها القطاع الخاص لوجود مجلس إدارة حقيقي وفاعل في هذه المؤسسات.
في سورية تأخذ تسمية مدير عام بعداً عملياً مختلفاً نسبياً بين مدير عام ومدير عام تنفيذي، إذ اقترنت كلمة “مدير عام” بالعمل الحكومي وإدارة مؤسسات الدولة على اختلاف مشارفها الإدارية والاقتصادية، بينما شاعت كلمة مدير عام تنفيذي لمؤسسات الاقتصاد الجديد بعد عام 2000 كما أسلفنا.
القصة اليوم .. تدور أحاديث “عالهس” وكلما تم إنهاء مهمة مدير عام في المؤسسات والهيئات والشركات العامة، ممن أكملوا عدد السنوات المحددة لبقاء المدير العام في موقعه، وفق المعيار المحدد من وزارة التنمية الإدارية التي تصل لحدود عشر السنوات تخضع لتقييم دوري.
“الهس” يتمحور بأن هناك العديد من المديرين العامين قد تجاوزوا هذه المدة وبقوا على رأس عملهم، والذريعة دائماً أن هذا المدير يعمل على تنفيذ مشروع ما، ومن غير الممكن إنهاء خدماته قبل نهاية هذا المشروع، يعني القصة تبدو على أنها “خيار وفقوس”.
في رأينا فالحديث أن هذا المدير العام لا يمكن الاستغناء عنه قبل نهاية المشروع فيها نسف واضح للعمل المؤسساتي، ويكرس بشكل واضح مفهوم الفردية في العمل، وهذا يناقض روح وجسد مشروع الإصلاح الإداري.
وهنا أقترح إذا كان هناك مشاريع استثنائية – وقد تكون موجودة – وتحتاج إلى بقاء خبرات إدارية عليا فيها، لماذا لا يتم الإعلان عن ذلك بكل شفافية ووضوح منعاً للقيل والقال وخاصة أننا نتحدث عن موقع مدير عام.