(ملح الحياة) أحدث المسلسلات الاجتماعية ذات الخلفية التاريخية وقد كتب نصه حسن م يوسف، وأخرجه أيمن زيدان وتدور أحداثه مع نهاية الانتداب الفرنسي على سورية مسلطاً الضوء على تواجد الإنكليز والفرنسيين في المنطقة، والظلم الذي أصاب المواطنين بتواجدهم، ومنهم (وهيب) بطل العمل ومحوره الذي يهرب من المعتقل الذي نفي إليه، ولقاءه وصداقته مع السفير البلجيكي (ليوبولد)، ثم دوره الوطني ووقوفه في وجه كل من يحاول الإساءة للوطن، يتطرق العمل ككثير من الأعمال السورية إلى الحياة السياسية التي كانت سائدة في تلك الفترة، والتحولات والعلاقات الاجتماعية التي كانت تؤثر بها الأحداث الوطنية الكبرى، وفي مقدمها الكفاح في سبيل تحرير الوطن من المحتل الفرنسي.
ترجم حضور فلسطين في الدراما التلفزيونية السورية، حقيقة حضورها الواقعي بالنسبة للسوريين، بحكم التواصل التاريخي بين سورية وفلسطين، وإيمان السوريين العميق بعدالة القضية الفلسطينية، إضافة إلى إدراكهم الأخطار الكبيرة التي شكلها إقامة الكيان الصهيوني على الواقع العربي عموماً، والواقع السوري ضمناً.
هذا الحال أدى إلى ظهور فلسطين في كل الأعمال التلفزيونية التاريخية السورية المعاصرة، حتى لو لم يكن موضوعها القضية الفلسطينية بشكل مباشر كما هو حال، على سبيل المثال، مسلسل (حمام القيشاني) والذي كان محوره الحياة الاجتماعية في مدينة دمشق خلال القرن الماضي.
ويمثل مسلسل (عز الدين القسام) عام 1981 واحداً من الأعمال الدرامية التلفزيونية السورية التي نقلت بأمانة وصدق الدور النضالي للسوريين في فلسطين من خلال قصة حقيقية بطلها الشيخ عز الدين قسام الذي قدم من سورية إلى فلسطين ليقود بعد ذلك أولى حركات المقاومة ضد العصابات الصهيونية، وقوات الانتداب البريطاني التي كانت تقدم الدعم القوي لها، كما كانت تمارس سياسة تنكيل بالمناضلين الفلسطينيين تصل إلى حد تنفيذ حكم الإعدام بهم بعد محاكمات صورية، وقد شجع الشيخ (عز الدين القسام) المواطنين الفلسطينيين بدءاً من عمال المرفأ على التصدي للمؤامرات الصهيونية والبريطانية، ويشكل فرقة لمقاومته، ويقود الكثير من العمليات ضدهم إلى أن يستشهد في إحدى المعارك عام 1935، فاتحاً باستشهاده طريق الثورة على المحتل الغاصب.
(نهارات الدفلي)1994 مسلسل سوري آخر عن القضية الفلسطينية من تأليف دياب عيد وإخراج محمد زاهر سليمان يتناول مرحلة ثانية منها هي مرحلة حرب1948 وما رافقها من أحداث وخاصة ما يتعلق بعمل القوى الاستعمارية الممثلة بفرنسا وبريطانيا ومعها العصابات الصهيونية على منع وصول السلاح إلى العرب، وخاصة إلى السوريين والفلسطينيين، يستعرض مسلسل (نهارات الدفلي) بشيء من التفصيل الوقائع التي رافقت اغتصاب فلسطين بعد أن حرم العرب من السلاح، وبعد أوامر (غلوب) باشا بالانسحاب، مما أدى إلى سقوط المدن الفلسطينية الواحدة تلو الأخرى، وينتهي العمل بقيام العصابات الصهيونية باغتيال المندوب الأممي الكونت (برنادوت).
وعن رواية الشهيد غسان كنفاني (عائد إلى حيفا)، وبالاسم ذاته أخرج باسل الخطيب عام 2004 مسلسلاً يحكي قصة أسرة من حيفا أجليت قسراً عنها دون أن تتمكن من اصطحاب طفلها الرضيع الذي بقي في منزل أسرته لتتبناه بعد ذلك أسرة وافدة سطت على بيت أسرته، يقدم مسلسل (عائد إلى حيفا) حكاية أسرة سعيد على خلفية الأحداث الدامية الكبرى التي شهدتها فلسطين في ظل الانتداب البريطاني، واستيطان اليهود المهاجرين عبر الوكالة اليهودية، والتهجير القسري للسكان الأصليين والمذابح التي ارتكبت بحقهم واحتلال المدن، والمقاومة الفلسطينية حتى حرب 1948 ونزوح الفلسطينيين إلى البلاد العربية، ويتوقف مع انطلاق الكفاح المسلح الفلسطيني. (يتبع)