الثورة -نوار حيدر:
كثيرة هي الأسئلة التي اعتمرت مخيلة الكاتب سلوم درغام سلوم أثناء إعداده لهذه الدراسة والتي حملت عنوان “توظيف القصة الطفلية السورية المعاصرة في التربية” وكان أبرز هذه الأسئلة : ما هي ملامح البدايات في قصص الأطفال في العالم وفي الوطن العربي وفي سورية؟ ومتى كانت الانطلاقة الفعلية لهذه القصص؟ وما هي الإرهاصات الأولى ؟ وما أهمية أدب الأطفال في ثقافة الطفل وخاصة القصة؟.
مما دفع الكاتب إلى استنباط القيم التربوية من خلال القصص، ورصد المغذى الحقيقي من كل قصة، وماذا يقدم للطفل من فائدة وتعزيز سلوك تربوي في حياته لو تسنى له قراءة هذه القصص.
على الرغم من مرور هذا الأدب بالعديد من المراحل التاريخية، إلا أن الاهتمام به جاء في ثلاثة القرون الماضية، بمعنى ابتدأ منذ عصر النهضة في أوروبا.
أما أدب الأطفال عند العرب فلم يكن للأطفال فيه نصيب باستثناء أغاني المهد وحكايات الجدات الشفوية، ولكن في الزمن الحديث دخل بعض الرواد هذا الميدان في الربع الأول من القرن العشرين مثل رضا صافي، نصرت سعيد ..وغيرهم..
وتأتي أهمية ثقافة الطفل من البيئة الثقافية وهي ذات تأثير أكبر بكثير من تأثيرات البيئة الطبيعية، فهي العامل الأساسي في تكوين شخصية الإنسان، وتحديد سلوكه، وقد زاد اهتمام العالم مؤخراً بثقافة الطفل عامة وبأدبه خاصة، وأصبح من المعترف به تربوياً وجود ثقافة خاصة للأطفال، ثقافة تتناسب مع كل مرحلة من مراحل نمو الطفل وتفعل فعلها في تكوين الطفل إلى جانب الروافد التربوية الأخرى النظامية منها، وغير النظامية لتحقق التربية المتكاملة..
والسؤال المهم ما هي مهمة كتاب القصة الموجهة للأطفال ؟
تتجلى مهمتهم في تنمية العقل، فالصراع الذي تشهده بين الدول ماهو إلا صراع عقول، وكل دول العالم تحرص على تنمية التفكير العقلاني لدى أبنائها، وخير رأسمال الأمة هو رصيدها من العقول المفكرة والمبدعة، ويمكن من خلال القصص كونها الرافد الثقافي للطفل أن يكون لها الأثر في تطوير التفكير لدى الأطفال.
ناشد أطباء نفس الأطفال الأمهات في عالمنا المعاصر إلى ضرورة العودة لحكاية ما قبل النوم التي ترويها الأم بصوتها الحنون بدلاً من الاعتماد على ما تعرضه برامج التلفاز ، لأن وجود الأم يزيد من ترابطه بها ويجنبه أي نوع من المخاوف، أو الإحساس بالضيق ، ويمنع عنه أي أحلام مزعجة، أو كوابيس أثناء النوم.
ولكي يكون أدب الأطفال ناجحاً ومؤثراً، يجب أن تتوافر فيه عدة شروط من حيث الشكل والمضمون، بالشكل يتناول الأسلوب الرائع و الألفاظ السهلة، والجمل الموجبة المعبرة، والمضمون ينبغي أن يحمل القيمة التربوية، والقيمة العلمية، والشكل والمضمون يتضافران، ويسيران في نهج مدروس يعطي في النهاية الهدف.
والقصة لابد أن تتسم بالفاعلية، والتأثير، وصدق الرؤية، وإدراك ماهية الإنسان، وأن تكون حافلة بالحياة ولا بد أن تتوافق مع مطالبه العمرية، فالأطفال بين ٣-٥ سنوات يميلون إلى ما يتصل بذواتهم، والأطفال بين ٦-٨ سنوات يميلون إلى قصص الغموض، والسذاجة، أما الأطفال الأكبر فهم يفضلون القصص الواقعية، وحكايات الأبطال والشجاعة.
طفلنا العربي الذي يخضع اليوم إلى تأثير تيارات كثيرة، بحاجة إلى الثقافة التي تطور فكره، وتدفع به إلى الأمام، وبحاجة إلى ثقافة تواكب تطور الحياة والإنسان… ثقافة تدفعه إلى مصاف أطفال العالم المتقدم والمتطور، لا إلى ثقافة تزيد من تشتيته وتمزقه نفسياً وفكرياً وخاصة في المراحل الأولى من البناء من خلال الأفكار التي تتنازعه على صعيد البيت والمدرسة والمجتمع.