فتح انهيار البناء السكني في حي الفردوس بحلب والذي أودى بحياة عدد من الأطفال والنساء والرجال، الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام عن مصير بقية الأبنية في نفس الحي، وغيرها من أحياء ومناطق العشوائيات في جميع المحافظات التي لا تختلف بمواصفاتها وعوامل سلامتها عن البناء المنهار وعن مصير قاطني هذه الأبنية، وما الجهة المسؤولة عن كل ما حدث؟.
ملف الأبنية الآيلة للسقوط في حلب وغيرها ليس جديداً، ولكن حلب جذبت الأضواء إليها أكثر من غيرها من المحافظات بسبب عدد الأبنية التي انهارت أو الآيلة للسقوط وفي عدد من أحيائها.
أي أن ملف سلامة الأبنية في مناطق المخالفات والعشوائيات قديم قدم تفاقم مشكلة السكن، ليس في مدينة حلب فقط بل وفي جميع المحافظات.
فقد تم توثيق عدد كبير جداً من الأبنية الطابقية ذات الخطورة العالية من قبل مجلس مدينة حلب عام 2019.
ومن جملة الاقتراحات التي طرحتها الجهات المعنية بعد توثيق خطورة هذه الأبنية أن يتم الإخلاء الفوري لمعظمها مع تأمين الإيواء المؤقت للقاطنين فيها، لكنّ عدد الأبنية التي تمت إزالتها كان محدوداً بالمقارنة مع العدد الموثق، وما تم إخلاؤه من أبنية عادت إليها العائلات تحت ضغط الحاجة للسكن بالرغم من خطورتها على حياتهم.
ورغم ذلك لم يتم التدخل لمعالجة ملف الأبنية الآيلة للسقوط بشكل جدي، بل ترك أمر معالجة هذا الملف لمجالس المدن، وبحسب الإمكانات المتوفرة لهذه المجالس.
والنتيجة أن خطر الأبنية غير المستوفية للشروط الهندسية والفنية في مناطق المخالفات والعشوائيات في تزايد مطرد، ومصير آلاف العائلات القاطنين فيها متروك للمجهول .
مما لا شك فيه أن عوامل الخطورة على سلامة الأبنية في مناطق المخالفات والعشوائيات تزايدت نتيجة بعدها عن الأسس الهندسية السليمة، إضافة إلى عامل الزمن وعوامل الطبيعة، والأزمة التي مرت على سورية خلال العشر سنوات الماضية.
من المؤكد أن انهيار بناء الفردوس بحلب يستدعي الاستنفار الدائم، على الرغم من استنفار الجهات المعنية في المحافظة أثناء عملية إنقاذ قاطنه من تحت الأنقاض، والمسارعة إلى إلقاء القبض على متعهد البناء، وعدد من موظفي الدوائر المعنية في بلدية هذا الحي.
لذلك يجب العمل على عدم وقوع المزيد من كوارث انهيارات الأبنية لاحقاً في حلب أو غيرها من المدن، مع ما ينتج عنه من ضحايا وإصابات وتشرد وعدم غض الطرف لإنشاء أبنية جديدة تفتقر لعوامل السلامة الإنشائية والفنية.