الثورة – لميس علي:
ثمة نوعٌ درامي مُستحدث، بدأ يفرض نفسه في السنوات القليلة الماضية..
أُطلق عليه (الدراما المُعرّبة)، بمعنى يتم تعريب النص “فقط”، مع الحفاظ على مختلف عناصر البيئة/المجتمع الذي تتم فيه الحكاية.
من هذا النوع شاهدنا (عروس بيروت) وأيضاً (ع الحلوة والمرة)..
الملاحظ في هذه التجارب أنها تستهدف تسويق نمط حياة هجين بالمحصلة، وتقديمه بقشرة عربية..
هل يمكن أن نطلق عليها مسمى تجارب تدخل ضمن نطاق “التثاقف الفني”، تبادل الخبرات، العادات، والأفكار، مهما كانت بسيطة..؟
إلى أي الجانبين تميل كفة الميزان بمثل هذا النوع من الأعمال..؟
لصالح مَن الخلاصة الفنية وحتى الربحية مهما كان نوع الربح المقصود..؟
طبيعة الأشياء وسيرورة الحياة ذاتها تفترض حالة من التغيير والتجديد، لكن ألا يكون هذا التجديد أو “التثاقف الفني” لصالح طرفٍ واحد هو الذي يسوّق نمطَه الفكري والحياتي، بينما الآخر أو الطرف الثاني مجرد أداة لتحقيق غاية الطرف الأول..
يعرض حالياً على (mbc4 )، أحد هذه النماذج الدرامية بالاعتماد على نص مُعرّب ومُقتبس عن أصل غير عربي..
وكما عادة هذا النوع الهجين تدور الأحداث، كما يفترض، في لبنان.. لكن التصوير بأكمله سيكون على أرض لا تمت للأجواء اللبنانية أو العربية بأي صلة..
هل هذه خطوة نحو تجميل الظرف المكاني أم تزييفه..؟
ألا يوجد إيحاء باستغفال المتلقي والاستهانة به حين تُعرض أمام عينيه أجواء لا علاقة لها بالأجواء المفترض درامياً..؟
خطوة التزييف لا تقتصر على المكان.. تتعداه لتصل إلى المبالغة التجميلية التي تبدو عليها ممثلات هذا النوع، والتي نلحظ (الأوفر/over) منها في النسخة الأحدث إنتاجاً، من خلال وجوه الفنانات المشاركات واللواتي مهما بلغت لحظات تأثرهن وردود أفعالهن ذروتها تبقى وجوههن دون أي تجاعيد.
مستفزةٌ هي حالة المبالغة للوصول الى الكمال جمالاً.. مستفزة لأنها تمنح تزييفاً لا حدّ له..
ثمة إحساس بحضور وجوه بلاستيكية هي الأصعب ذوباناً في تربة التلقي..!
يكتفي ذوو هذه الموضة الدرامية المُعرّبة، بتسويق نوع من جمال ظاهري وظيفته إبهار العين.. عبر جاذبية الديكورات، اللوكيشنات، والعمليات التجميلية.. ويتغافلون عن نوع آخر من جمال يتمثل بالأفكار ومدى قدرتها على جذب العقول قبل العيون.
ولكي تكون وصفتهم الدرامية مطلوبة، لا يعتمدون الإبهار البصري داخل العمل وحسب، بل ثمة نوع من إبهار إعلاني تسويقي يمارسونه بدهاء وسخاء لا مثيل له.