ربما أعجبت مثل إعجاب الكثيرين وخاصة من السلك التربوي بخطوات البعض في مديريات التربية مع افتتاح المدارس وتنطحهم في كل مرة والتصريح بثقة حول الجاهزية التامة لأغلب المدارس من حيث المقومات والحاجات والفعالية..
ربما يدرك هؤلاء المسؤولون أكثر من غيرهم عن معاناة هذا القطاع الذي تقع على عاتقه بناء الأجيال..
المدرس هو من ينتج الطبيب والمهندس وباقي المهن المعنية بالبناء وتطور المجتمعات..
المعلم في كافة الدول يعطي اهتماماً خاصاً لمهنة التدريس لما لها من أهمية في التقدم والتطور..
لا أحد ينكر أن هناك ثغرات كثيرة في طريقة التعاطي مع هذه المهنة سواء من الجهات التربوية أم من قبل الأهالي أم من قبل المعلم نفسه..
المعلم اليوم ليس مثل المعلم أيام زمان .. سواء من ناحية الإعطاء أم الالتزام أم الغيرية..
الطالب أيضاً نراه متمرداً على معلمه ولم يعد التلميذ المطواع الذي يحترم المعلم والمدرسة ..
المعلم لا يعطي بجدية كونه يدرك أن هذا التلميذ سيقصد مكتبه لأخذ دروس خصوصية..
الطالب أيضاً لا يهتم ولا ينتبه ولم تعد تعنيه قيمة “السلوك” والتحضير والاجتهاد .. وهو الموعود بدروس ذلك الأستاذ الخصوصية..!!
أما المدارس العامة والتي كانت مثالاً للانضباط وتخريج طلبة متفوقين حتى إن الدروس الخصوصية لم تكن موجودة لا في قاموس الأستاذ ولا حتى الطالب وأهله لم تعد هذه المدارس التي كان لها رهبة وقيمة سواء من الأهل أم الأستاذ أو حتى الطالب..
الإهمال وانعدام المسؤولية سمة عامة اشترك بها الجميع بحق تلك المدارس..!!!
هناك مدارس كثيرة تعاني من نقص مادة المازوت لزوم التدفئة “عدا سرقات مخصصات المدارس كما حصل العام الماضي في مدارس طرطوس” ويقتصر إشعال المدفأة على فترة زمنية لا تتعدى في بعض المدارس الساعة الواحدة … كذلك افتقاد المدارس إلى مقومات النظافة والمعقمات وخاصة نحن اليوم في زمن الكورونا والكوليرا..
أما طبيعة العمل التي حرم منها الكادر الإداري فهي بحاجة إلى نقاش مستفيض..
أستاذ قضى في مهنة التدريس عشرات السنين وبسبب ذلك أصيب بمرض ما ولم يعد قادراً على العطاء فتم تحويله إلى عمل إداري … هذا الأستاذ محروم من طبيعة العمل!؟
يبقى موضوع تحديد مكان العمل المعلمات والمعلمين .. والثغرات الكثيرة ضمن هذا المجال..
القانون يعطي الحق للأقدمية..
حسن .. ونحن دائماً مع القانون شرط أن يطبق على الجميع ودون استثناءات..
ولكن في نفس الوقت هناك روح القانون وحالات إنسانية يجب مراعاتها والأخذ بها..
مدرسة لديها أطفال صغار وزوجها عسكري يخدم خارج المحافظة يحدد مكان عملها في قرية تبعد عشرات الكيلومترات عن سكنها.. بينما مدرسة “عزباء” توضع في مكان قريب لسكنها والحجة هي الأقدمية.. والأمر ينطبق على المدرس الذي يستطيع أن يتحمل أكثر ولديه الإمكانيات التحرك بحرية أكثر من تلك المدرسة التي لديها أطفال صغار وزوجها غائب ..
هنا يجب أن تتعامل التربية بطريقة “النقاط” وتعطي الأولوية للحالات الإنسانية القاهرة..
لن نتكلم في هذه العجالة عن تكاليف الدروس الخصوصية وأقساط “الرياض” الخاصة والتي لامست عشرة الملايين.
فهذه تحتاج إلى وقفات متتالية…!!