الملحق الثقافي- نبوغ محمد أسعد :
لم أكن أتوقع في يوم من الأيام أن هذا الشاعر التصادمي الذي يواجه أي غلط في طريقه أن يكتب رواية ..لأنني أعرفه قادر على التعبير عن كلّ مايريد وبشكل ارتجالي ..ولم أكن أتوقع أنني سأكتب عن كتاباته في يوم من الأيام.. لأنه لايرضى أبدا أن يكتب أحد يخصه عنه ..فكيف وأنا زوجته ..والأمر الذي جعله يعطيني مجال الكتابة هذه المرة هو رغبتي العارمة لأنني كنت شاهدة على كلّ ما تعرض إليه ..وعلى كلّ موقف تفرد به من مواقفه .
أجل كنت شاهدة على اللحظة الأولى التي اختطف بها من البيت ،وبرغم عشرات المسلحين المدججين بالسلاح ذهب شجاعاً ،وخاف جميع من كنت أتوقع أن يتصلوا بنا أو يسألوا عنا..إثنان فقط اتصلا ..ضابط اسمه نوفل الحسين ..وإعلامي وشاعر اسمه توفيق أحمد ..في البداية استغربت اتصال توفيق أحمد وأنا في ذلك الحين لم أكن أعرفه جيداً ولكن كان مصراً ثابتاً وقال لي : لاتغلقي الهاتف أنا صديقه ولست بخائف من أحد ..وسنحرر شاعرنا أبا خالد .. وفعلاً كان الأمر،وبذل الجهود الكبيرة حتى كان ما كان مع الأصدقاء والمحبين أحسست بصدق كلامه وشجاعته ولا أريد أن أسرد الحكاية لأن الرواية في جزئها الأول تحكي كثيراً مما حصل والأخطر هو مافي جزئها الثاني .
ربيع الذئاب سرد اعتمد كاتبه محمد الخضر النزعة الواقعية التي بدأت بالحدث مباشرة واستمرت إلى النهاية في عاطفة واحدة وفي تحولات صادقة فضح من خلالها المؤلف فيها.. سلوكيات الجماعات الإرهابية التي اختطفته والتي لم تكن تتوقع أن الجيش سيهاجم أوكارهم ويحرره .في الرواية كلما تعرض له الخضر من عذاب وتنكيل وكيفية ثباته المطلق على موقفه الذي أراد له الإرهابيون ليسجل إلى قناة صفا المعارضة ..كان يفجعهم بأجوبته وكانوا يحاولون إضافة إلى عذابه أن يهددوه بخطف بناته وحاولوا ذلك مراراً ..لكنّه صمم على الموت بشرف وشجاعة إلى أن اقتحم الجيش مكان احتباسه وحرره .
وفق ماجاء في الرواية عكس المؤلف حياة بطل الرواية صلاح خلال تحولات الحرب الإرهابية على سورية وتوخى الحذر من الاستطراد فكانن الحدث متماسكا ،وكان التشويق يثير العاطفة ويدمع القلب لأن بطل الرواية لم يقبل بأي تفاوض واستسلام ،وكان يصمم على المواجهة ،وظلّت الحالة العاطفية متماسكة خلال حركة الحدث لترتبط بأحداث أخرى ويثبت صلاح وجوده بين زملائه وأصدقائه في دمشق ،ويخلد المواقف الإيجابية التي صادفها ..ولا يأبه بالتهديدات المتكررة ،وكانت البنية الروائية ملتزمة بربط حركة أشخاص الرواية بمصير صلاح وانتقال الحدث المهم في نهاية الرواية إلى مايتخيله الكاتب بعد وفاة صلاح الذي مات على يد الإرهابيين وقرر حفداؤه الانتقام له ..ليترك القارئ بلهفة وانتظار ،كي يرى ويقرأ أحداث الجزء الثاني .
ويذهب المؤلف في خواتيم الرواية إلى العمل على الحالات النفسية التي يعيشها كل من يحب بطل الرواية ،ويصور بشكل درامي أشكال الوجوه والوسائل المعبرة وكيفية الرغبات بالانتقام عند الحفداء ،وأعطى لكلّ حفيد حالة نفسية مختلفة عن الآخر ..فجواد مندفع جداً بمحبة كبيرة للانتقام وهو الضابط الشاب.
ورضوان يقلّد جده بالتفكير وبالتخطيط والتكتيك، وتالا تلعب دوراً تشجيعياً وتوافقياً مع جواد الضابط ،ورضوان الصحفي كطبيبة واعية وناضجة .
برغم اعتماد الرواية على الواقعية وقليل من التخييل سيطرت العاطفة على البيئة تماماً فكان الحزن أكبر من المكان والزمان بسبب الغدر والخيانة ..وصمم المؤلف أن يترك القارئ باحثاً عن أحداث أخرى ..هل سيتم الانتصار أم لا ؟؟..ولكنّه يترك بشائر خير وقوة من خلال الأحاديث التي تدور بين الأحفاد ..وواضح أن هناك في الرواية كماً ليس قليلاً مما رصده الكاتب خلال هذه الحرب بكثير من الشجاعة والصدق والأمان .
الرواية صادرة عن دار سين للثقافة والإعلام وهي أول عمل روائي للكاتب تضاف إلى رصيده الشعري والنقدي والإعلامي .
العدد 1113 – 27- 9-2022