الثورة – تحليل ريم صالح:
في إيران وتماماً كما حدث في سورية من قبل، لم يكن عبثياً على الإطلاق ما جرى ويجري من تحت الطاولة، ومن خلف الكواليس، بل كانت الأصابع الأمريكية، وبالوثائق الدامغة، تحيك شراكها المفضوحة على نولي البنتاغون، والسي آي إيه، وتعد السيناريوهات تلو الآخرى لتصل في نهاية المطاف إلى الاستثمار بالقوة الناعمة، بعد أن أفلست استثماراتها بالأوراق الإرهابية.
صحيح أنه للوهلة الأولى قد يتبادر إلى أذهان كل من يتابع ماكينات الإعلام المضلل، وأبواق الغرب المأجورة، بأن الشعب الإيراني ينتفض ضد حكومته، إلا أن المؤكد الذي سرعان ما يترسخ في الذاكرة هو أن الحقيقة مغايرة لذلك بالمطلق.
فما يجري هناك ليس بثورة شعب، كما عمد الأمريكي، والغربي، والأعرابي المطبع، لتسويقه، وإنما القصة أبعد من ذلك بكثير، فهو النظام الأمريكي يحاول التمدد على الخطوط الإيرانية المنيعة، والمحصنة شعبياً، وعسكرياً، وعقائدياً، وإن كان عبر باب القوة الناعمة، ونافذة الإعلام المضلل والمسيس.
ولكن من الذي قام بهذا التمرد الفتنوي في إيران، ولمصلحة من، وما المقابل؟، هي أسئلة هامة، وبمجرد الإجابة عليها، فإن المشهد يتضح برمته،.. إن الفئة التي تتحرك في الأيام الأخيرة في إيران، هم مجموعة من الإرهابيين المأجورين، والذين يشعرون بعجزهم المطلق وبأن لا منفذ لهم للوصول إلى مكاسب آنية رخيصة سوى باعتلاء الدبابة الأمريكية أو استجداء الوصاية الهوليودية، هذا ما أكده الشارع الإيراني، وشهود عيان، وأيضاً إعلاميون إيرانيون.
صحيفة الـ نيويورك تايمز كشفت المستور وأكدت في تقرير أن المخابرات الأميركية تبحث حالياً عن طرق إيصال معدات الاتصال إلى أيدي إرهابييها المأجورين داخل إيران، سواء عبر تهريب هذه المعدات إلى الداخل الإيراني أو إسقاطها عن طريق طائرات مسيرة.
والتقرير أوضح أن الإدارة الأمريكية تبحث عن طرق لوضع أنظمة الأقمار الصناعية القوية تحت تصرف المسؤولين عن أعمال الشغب والقلاقل في طهران.
ومن الضروري القول هنا أننا لم نستغرب على الإطلاق كل ما تم تقديمه إعلامياً، وسياسياً من خطابات مشحونة تستهدف تحريض الرأي العام العالمي، والإسلامي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إلا أن الثابت أن هذه النبرة الأمريكية العدوانية والمحاولات لاستهداف الداخل الإيراني لم تكن الأولى كما أنها لن تكون الأخيرة، فكل ما يروج له مدروس، وبعناية فائقة، ومحدد التوجه، ومعروف النوايا.
ولكن ما نستهجنه هنا هو أن الأمريكي لا يزال يعيد ذات الوصفات التي خبرها مسبقاً في سورية، والتي فاحت روائح نتانتها، وأزكمت الأنوف الأممية، يكررها على المسرح الإيراني، فكيف له أن يتأمل بما سبق وفشل في دمشق، أن يعطي النتائج المرجوة منه في طهران، لاسيما إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الشعب الإيراني لا يقل في تماسكه، والتحامه مع قيادته السياسية، ومؤسسته العسكرية، وانتمائه لوطنه في شيء؟!.
والجدير ذكره هنا أن المواجهة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وقوی الهيمنة الغربية مستمرة منذ قيام الثورة الإسلامية وحتی يومنا هذا، فمنذ عام 1980 وحتى الآن وطهران تقبع تحت وطأة حصار اقتصادي وسياسي وإعلامي والهدف المعلوم للجميع هو محاولة إسقاط الحكومة الإيرانية بأي شكل كان، لان واشنطن باختصار تعتبرها تغرد خارج السرب الأميركي فضلاً عن كونها تشكل تهديداً لمصالح أميركا وحلفائها في المنطقة والعالم.
ووفق محللين سياسيين فإن الولايات المتحدة تفعّل أدواتها الحديثة المسماة بالثورات الملونة، أو الحرب الناعمة ضد إيران، مستندين في ذلك إلى آراء مجموعة من السفراء السابقين في إيران، والذين أجمعوا على أن أي عملية عسكرية ضد إيران غير واردة في السياسة الأمريكية حالياً، لذلك فإن أمريكا تفضل إحداث القلاقل في الداخل الإيراني، لعلها تحقق غايتها الظلامية، وذلك من خلال حملات إعلامية كبيرة، ممنهجة، مدروسة، منظمة، ومخططة، وأيضاً من خلال إنشاء خلايا إرهابية في الداخل تتعاون مع الإدارة الأمريكية.
وبحسب متابعين فإن الغرب المتأمرك يعرف أن الشعب الإيراني مؤلف من قوميات لذلك نراه يحاول اللعب على وتر القوميات، كما ويحاول ضرب المعتقدات الدينية لإيصال الشعب الإيراني إلى تصادم داخلي.