الثورة_ فاتن أحمد دعبول:
تابعت الندوة الوطنية للترجمة فعالياتها في مكتبة الأسد الوطنية تحت عنوان” الترجمة بين التقليد والإبداع، مواطن الإبداع في الترجمة”.
لا إبداع في الترجمة الآلية
وبدأت الجلسة الأولى بإدارة د. فؤاد الخوري الذي تحدث في مداخلته عن الترجمة الآلية وإشكالية الإبداع، وبين أن الترجمة الآلية بمساعدة الحاسوب لا يوجد فيها مواطن إبداع، لأنها تتناول النصوص التخصصية العلمية والتقنية، ولا مجال للإبداع في هذا النوع من النصوص.
وأوضح أن الترجمة الآلية في النصوص الأدبية هي غير منصفة، لأن هذا النوع من النصوص فيه صور وبلاغة، والجهاز عادة يحتفظ بترجماته السابقة، وبالتالي هو يقترح هذه الترجمات إذا عادت الجملة من جديد، وهذا غير متوفر في الروايات والنصوص الأدبية، وهنا تنعدم الفائدة من الترجمة بمساعدة الحاسوب.
دور المترجم أساسي
كما توقف د. عدنان عزوز عند “مزايا النصوص بالترجمة الآلية مقارنة بالترجمة البشرية” وبين أنه في العصر الحالي أصبحت الترجمة الآلية واحدة من الأدوات الأساسية التي يستخدمها الكثيرون في الترجمة.
وتحدث بدوره عن تجربته في المقارنة بين الترجمة الآلية والبشرية لجهة المفردات والقواعد، ليصل إلى نتيجة مفادها بأن الترجمة الآلية مازالت بعيدة عن إدراك الترجمة البشرية وخاصة في المسائل الأدبية، بينما تقدم الترجمات الآلية الكثير في المجالات التقنية التخصصية، ويبقى دور المترجم أساسيا في إعادة الصياغة للنص المترجم آليا، وإضافة بعض المفردات لإعطائه الصيغة البشرية والثقافية.
الجودة هي المعيار
وأوضح حسام الدين خضور في بداية مداخلته “الترجمة الإبداعية في عالم الأعمال” مفهوم الترجمة الإبداعية بأنها عملية تكييف رسالة من لغة إلى أخرى مع الحفاظ على مقصدها وأسلوبها ونبرتها وسياق كلامها.
وبين أن الترجمة يمكن أن تتحول إلى سلعة عامة في عالم الأعمال الذي ينفخ الحياة في كل شيء يمكن أن يتحول إلى سلعة، وصارت الترجمة سلعة عالمية بامتياز تسعى الأمم والشعوب والجماعات المحلية إلى توطينها في بيئاتها المختلفة لتقوم بوظيفتها على خير وجه.
ويخلص بدوره إلى أنه لا توجد ترجمة إبداعية وأخرى غير إبداعية، فالترجمة بحد ذاتها فعل إبداعي لأنها تنقل فعلا إبداعيا، والفارق بين ترجمة وأخرى هو في الجودة، والصواب والخطأ.
الحفاظ على دلالات النص
وتحت عنوان” مفهوم المقارنة بين ترجمتين: رواية البؤساء أنموذجا” بينت آلاء أبو زرار أن الغاية من هذه المقارنة هي التأكد من وصول المعنى والدلالات الكامنة في النص الأصلي إلى النص المترجم، لأنه قد تطغى إحداهما على الأخرى في تمكنها من الإلمام في جميع الدلالات الموجودة لدى النص الأصلي.
وأوضحت بدورها ضرورة مراعاة القواعد اللغوية لدى النقل من لغة إلى لغة ولاسيما الأزمنة المستخدمة في تصريف الأفعال، واحترام شكل النص الذي يراعي جمالية النص الأجنبي وتقطيعه وتقسيماته.
الاهتمام بالشكل اللغوي
وفي الجلسة الثانية التي أدارها د.باسل المسالمة، قدم د.ممدوح أبو الوي مداخلة حملت عنوان” قضية الترجمة عن لغة وسيطة” بين خلالها أن الترجمة قد تكون مباشرة من لغة المنشأ إلى لغة الهدف كما ترجم جبرا إبراهيم جبرا بعض مؤلفات شكسبير من اللغة الإنكليزية إلى اللغة العربية مباشرة.
وقد تكون عن لغة وسيطة كما ترجم الشاعر خليل مطران مؤلفات شكسبير من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية، وبالطبع الترجمة المباشرة هي الأفضل، لأنها الأقدر على نقل الأفكار الأساسية عن الأصل.
لذلك يجب الاهتمام بالشكل اللغوي الذي يحتوي فكرة المادة الأصلية، لأن الشكل اللغوي المكافىء للأصل يستطيع نقل مضمونه الفكري، ومع ذلك فالعمل الأدبي يفقد الكثير من ميزاته الفكرية والعاطفية حين ينقل من لغة إلى أخرى غير لغته الأصلية، لذلك فالسمة الأساسية لترجمة الآداب العالمية إلى اللغة العربية هي أن الترجمة تمت عبر لغة وسيطة باستثناء الأدبين الفرنسي والإنكليزي.
تحقيق تكامل عناصر النص
وتحت عنوان” الترجمة كنشاط إبداعي” المسرح أنموذجا” بينت د.ميسون علي أنه عند الحديث عن ترجمة المسرح لابد من التركيز على أمرين “أهمية ترجمة هذا المسرح، لمعرفة ثقافة الآخر ونشر الثقافة بين الشعوب، والأمر الآخر هو خصوصية ترجمة المسرح وإشكالياته من حيث إدراك الطبيعة الخاصة للنص المسرحي وبنيته الدرامية وطبيعة الخطاب الذي يستخدمه الكاتب.
وأوضحت بدورها أنه على المترجم أن يختار مفرداته بعناية ويوظف أنسب أشكال اللغة لتحقيق تكامل عناصر الترجمة المسرحية بعينها حتى تحقق هدفها المنشود بعيدا عن النقل الحرفي.
الشعر رسالة تحمل حضارة
وتوقفت ثراء الرومي في مداخلتها المعنونة” ترجمة الشعر بين مطرقة التقليد وسندان التجديد” عند تجربتها في ترجمة الشعر وبدأت بشاعر الهند طاغور لتصل إلى خلاصة مفادها أن ترجمة الشعر هو أمر شائك وجدلي، لكنه رسالة تحمل ثقافة حضارة ينبغي على حاملها أن يكون أمينا عليها كي تحافظ على ما أمكن من ملامحها، وحبذا لو كان المترجم شاعرا يتقن اللغتين على حد سواء.
الحفاظ على الخصائص الثقافية والنحوية
أما د. ريم شامية فقد قدمت بحثها بعنوان”الترجمة الأدبية، إشكالية الإبداع في نقل الثقافة” وبينت أن الترجمة تعتبر أداة تواصل بين الثقافات والحضارات، وعليه فالمترجم يصبح وسيطا يقوم بعملية لغوية غرضها الأساسي نقل الشكل والمضمون مع الحفاظ على الخصائص الثقافية والنحوية للغتين “المنقول منها والمنقول إليها”.
وتخلص د. شامية إلى القول بأن معرفة ثقافة اللغة التي يكتب بها لا يجب أن تقل شأنا عن معرفة ثقافة اللغة التي يكتب عنها، ففي داخل كل قارىء يجب أن يكون هناك مترجم على نحو ما يجيد التنقل بين الثقافات واللغات، وهذا دليل آخر على القيمة الإبداعية للأعمال الأدبية مترجمة كانت أم لا.