في كلّ صباح وبينما يقبع مئات المواطنين منتظرين وسيلة تقلهم إلى أماكن عملهم ،تمرّ عشرات السرافيس والباصات التي خصصت للنقل العام أمام ناظريهم وهي تقلّ الطلاب والموظفين ،بينما هم حائرون بالطريقة التي سيصلون بها مبتغاهم لقضاء حوائجهم ومصالحهم .
ولانبالغ البتة إذا قلنا إن أقل من 10%فقط من السرافيس المخصصة للنقل العام بدمشق وريفها تعمل على خطوط النقل العام. وبالطبع هذا الرقم ليس من بنات أفكارنا لا إنما بالاعتماد على عدة مصادر في مديريات المرور ودوائر محافظتي دمشق وريفها.
أزمة النقل تفاقمت بشكّل غير مسبوق خلال السنوات الأخيرة ولاسيما في ظلّ شح المشتقات البترولية من مازوت وبنزين ،وبدأت معظم السرافيس ببيع مخصصاتها من المازوت المدعوم الذي تحصل عليه بأسعار السوق السوداء وبذلك تحصل على مردود كبير من دون أن تحرك عجلاتها حتى، وعلى المقلب الآخر تتعاقد مع شركات خاصة ومدارس لقاء مبالغ كبيرة تعدّ بالملايين ليبقى الهدف الذي نالت الترخيص من أجله وهو خدمة النقل العام مهملاً على الهامش.
للأسف معظم القرارات التي تصدر عن الجهات المعنية في هذا الإطار تفرغ من محتواها وتصبح بلاجدوى في ظلّ عدم المحاسبة والفساد الذي يطال النقل وعناصر المروروغيرها من الجهات المعنية.
فالقرار الحكومي الذي صدر منذ أكثر من عامين أوأكثر بمنع تعاقد السرافيس لنقل طلاب المدارس ضرب به منذ صدوره بعرض الحائط وعلى” عينك ياتاجر “تمتلىء مقاعد السرافيس في أوقات الذروة الصباحية والمسائية بعشرات الطلاب المتكدسين فيها تجوب شوارع العاصمة وضواحيها غير آبهة بفحوى القرار وتحت أعين عناصر المرور والجهات المعنية.
إصدار القرارات من دون تطبيقها بالشكّل الملزم جعلها محط استهتار ولامبالاة أوصل قطاع النقل إلى هذا الوضع المزري .
واليوم يتذرع عدد كبير من أصحاب السرافيس بارتفاع تكلفة تركيب جهاز الGps للتهرب من مراقبتهم حتى أن العديد منهم توقف عن العمل في مسعى للتراجع عن قرار إدخال هذه التقنية التي تحدّ من تجاوزاتهم بحقّ خدمة النقل العام.
ومحافظة دمشق تؤكد أنها جادة بالتخفيف من أزمة النقل العام ولن تتهاون في هذا الموضوع وأن من لايريد الالتزام بتركيب الجهاز فستتوقف مخصصاته وسيسحب ترخيصه لاحقاً .
الكثير من الآراء تبرر بأن توقف هذا الكم الكبير من السرافيس عن العمل سينعكس سلباً على النقل العام لكن هذا غير صحيح لأنه بالأساس معظم هذه السرافيس لاتعمل على خطوط النقل المخصصة لها، ولذلك نأمل من الجهات المعنية بالإسراع بتركيب تقنية الGps للحد من كلّ تجاوز للقانون والتشدد ما أمكن في متابعة تطبيق القرار كي لايصبح هو الآخر كسابقاته من القرارات عرضة لافراغ محتواه وتهميشه .