من يتابع الحركة التشكيلية في سورية، لابد سيتوقف عند هذا الزخم من المعارض والمشاركات في الصالات كافة، الخاصة منها والعامة، حتى أننا نشهد ظاهرة افتتاح العديد من صالات المعارض التي تؤمن بأهمية الفن، وتفتح أبوابها للفنانين على اختلاف اختصاصاتهم، وليس آخرها معرض النحت الذي احتضنته صالة” البيت الأزرق” وهو عبارة عن منزل شرقي بامتياز تزينه أشجار النارنج والكباد وأزهار الياسمين الدمشقي، لتمنح الجمال عبقاً جديداً للتألق.
واليوم ونحن نشهد أيام الفن التشكيلي السوري بمناسبة مرور سبعين عاماً من الحداثة في موسمه الخامس، وحضور فعالياته في غير مكان” قلعة دمشق، صالات المراكز الثقافية، الصالات الخاصة ..” والاحتفاء بالفنانين وتكريم الراحلين، يؤكد أهمية الفن في حياتنا ودوره في الارتقاء بالذائقة الفنية لدى المتلقي، وتعريفه بالإرث الحضاري الذي نباهي به الأمم، هذا من جهة، ومن جهة أخرى نتوقف عند أمر هام، إلى متى سيبقى هذا الفن في برجه العاجي تحصنه جدران الصالات، وكيف سنحقق انتشار ثقافة الجمال والتمتع بهذا الإرث العريق إذا لم يكن في متناول الجميع، فلماذا لا تكون بعض المعارض في المدارس والجامعات، ولماذا لا تنتشر هذه الأعمال في المؤسسات الرسمية والسفارات وحتى في المواصلات، لتعتاد عين المتلقي على تذوق الجمال في كل مكان، وما أحوجنا اليوم إلى التطهر من بشاعة الحرب وما خلفته من بشاعة التدمير والخراب.
ربما نشهد حشوداً كبيرة من المتابعين والمهتمين في يوم افتتاح التظاهرة، لتصبح الصالات خالية على عروشها في الأيام التي تلي ذاك الافتتاح، ويبدو هذه سنة البشر في احتفالاتها بالفعاليات، لتنتقل بعدها إلى شؤونها الخاصة، التي باتت تشكل أولوياتها في ظل ما نعانيه من حصار اقتصادي وظروف اجتماعية ضاغطة.
لابد إذن من التشجيع على اقتناء الأعمال الفنية في المؤسسات الرسمية والمدارس والجامعات، لنشر ثقافة الجمال، والارتقاء بالذائقة الفنية ونشر الفرح، فالجمال هو وعد بالسعادة.