الثورة – ميساء العجي:
في لحظة دقيقة من تاريخ سوريا، إذ تتشابك التحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، يدعو المحاميان علي البردقاني، وأحمد الياسين، إلى إعادة بناء الدولة والمجتمع على أسس العدالة والمساواة، هذه الرؤية تشمل كل ما يمس حياة المواطنين اليومية، من العدالة والمصالحة، إلى فرص العمل وتحسين الخدمات العامة، وصولاً إلى تطوير المؤسسات القانونية وحماية حقوق الإنسان.
تأتي هذه الرؤية في وقت يحتاج فيه المجتمع السوري إلى خطوات عملية وواضحة، تعزز الثقة بين الدولة والمواطن، وتضع أسساً لمستقبل أكثر عدلاً واستقراراً.
وانطلاقاً من ذلك يؤكد المحامي البردقاني في حديثه لـ”الثورة” أن إعادة بناء سوريا يبدأ من الاعتراف بالواقع، ووضع برامج عملية تلبي احتياجات المواطنين اليوم وتضمن حقوقهم غداً.
ويضيف المحامي الياسين: إن كل إصلاح حقيقي يبدأ بالعدالة، وإذا لم نبنِ العدالة اليوم، فلن يكون لدينا أساس مستقر لأي نمو اقتصادي أو اجتماعي.
العدالة الانتقالية
المطلب الأول والأساسي الذي يركز عليه المحاميان هو إقرار قانون العدالة الانتقالية والعزل السياسي، هذا القانون يمثل أداة لإعادة بناء الثقة بين المجتمع والدولة، ومعالجة آثار الحرب، وضمان محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات بطريقة عادلة، بعيداً عن الانتقام أو الاستقطاب، فالعدالة الانتقالية ليست فقط محاسبة للمسؤولين، بل تشمل أيضاً برامج مصالحة وطنية، تتيح لكل المواطنين من مختلف الأطراف التعايش السلمي، وتعمل على معالجة الانقسامات الاجتماعية العميقة التي خلفتها سنوات الحرب.
كما يقول البردقاني: لن نتمكن من بناء مستقبل سوريا إذا لم نواجه الماضي بشجاعة، ونعترف بأخطائنا، ونضع أسساً واضحة للمستقبل.
وأكد الياسين أن جزءاً آخر من الإصلاح السياسي هو إلغاء القوانين الاستثنائية التي فرضت خلال سنوات الحرب، والتي تحد من الحقوق والحريات الأساسية، وتعرقل تطوير المؤسسات، مضيفاً: إن إلغاء هذه القوانين سيتيح لكل مواطن العيش بحرية والمشاركة في الحياة العامة، كما سيشجع الاستثمار ويحفز الاقتصاد المحلي، وهو ما يعتبر خطوة أساسية نحو دولة حديثة قائمة على القانون والشفافية.
التنمية وزيادة الرواتب
على الصعيد الاقتصادي، ركز المحاميان في حديثهما على ضرورة زيادة رواتب الموظفين لمواجهة التضخم وتحسين مستوى المعيشة، فالرواتب الحالية غالباً لا تكفي لتغطية الاحتياجات الأساسية للأسر، وهو ما يزيد الضغط النفسي والاجتماعي على المواطنين.
ولفت الياسين إلى أن الموظف الذي يعيش ضغوطاً يومية بسبب راتب منخفض لا يمكن أن يكون جزءاً فاعلاً من عملية إعادة البناء، فتحسين الرواتب هو استثمار مباشر في استقرار المجتمع.
وحول أبرز المطالب الاقتصادية يشير المحامي البردقاني إلى ضرورة خلق فرص عمل للعاطلين عن العمل، فالبطالة تمثل تهديداً مباشراً على الاستقرار الاجتماعي، وتزيد معدلات الفقر والعنف الأسري، وتؤثر على صحة المجتمع النفسية والاقتصادية.
ويضيف قائلاً: كما يشير خبراء الاقتصاد إلى أن دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتطوير برامج تدريبية متخصصة، سيسهم بشكل كبير في تحريك الاقتصاد المحلي وتحسين الإنتاجية، وتقليل معدلات الفقر، كما سيعزز شعور الشباب بالانتماء والمسؤولية تجاه وطنهم.
ولطالما تعتبر أزمة الكهرباء واحدة من أكثر القضايا اليومية تأثيراً على المواطنين، فقد شدد البردقاني على وجوب حل مشكلة الكهرباء عبر تطوير البنية التحتية، تحديث الشبكات، وتحفيز الاستثمار في الطاقة المتجددة.
فيما أوضح الياسين أن الكهرباء ليست مجرد خدمة، إنها شريان الحياة لأي مشروع اقتصادي أو خدمة عامة، من دونها تتعطل المدارس، المستشفيات، المصانع، وحتى حياة المواطنين اليومية.
تطوير مهنة المحاماة
لم يغفل المحاميان في لقائهما، عن مهنة المحاماة، وطالبا بتعديل قانون تنظيم المهنة بما يتناسب مع الواقع الحالي، لضمان استقلالية المحاميين وتعزيز دورهم في حماية الحقوق والحريات، كما طالبا بإنشاء المعهد العالي للمحاماة لتطوير الكفاءات المهنية، وتمكين المحامين من مواجهة التحديات القانونية المعاصرة، وضمان تقديم خدمات قانونية متطورة للمواطنين.
ويعتبر هذا المعهد خطوة استراتيجية لتعزيز العدالة والمساءلة القانونية في سوريا، مع ضمان تدريب جيل جديد من المحامين قادر على التفاعل مع التحديات القانونية والاجتماعية المستقبلية.