إمبراطورية التضليل الإعلامي الغربي.. وحقيقة أحداث الشغب في إيران

الثورة – كتب المحرر السياسي:

عندما تقرر دولة مثل الجمهورية الإسلامية في إيران، أو يقرر شعب كالشعب الإيراني أن يكون مستقلاً وحراً بعد عشرات السنين من العيش تحت سيطرة القوى الغربية، ولا يريد الخضوع لمطالبها، فإنه سيتعرض للعقوبات والحرب بكل أشكالها الاقتصادية والإعلامية والدعائية، وحتى العسكرية، المباشرة، وغير المباشرة عبر الأذرع الإرهابية.
وهذا الأمر ينطبق قلباً وقالباً على أحداث الشغب الأخيرة في إيران، فلأن إيران مؤهلةً للاقتدار والحضارة المتناسبة مع قيمها التاريخية، وبات دورها الإقليمي والدولي محورياً، ونهضت باقتصادها، وتطورت بمختلف المجالات، ولديها خطة لتحقيقها، فقد واجهت معارضة القوى الغربية التي تنهب ثروات الأمم، ولأنها رفضت إملاءات الغرب وعلى رأسه إملاءات واشنطن، فالنتيجة هي محاولة نشر الفوضى الهدامة، وإصدار كل أنواع العقوبات والمقاطعات ضدها.
واليوم في محاولة أميركية وغربية لشيطنة إيران، تقوم وسائل الإعلام الغربية ببث كم هائل من الأخبار الملفقة، والمقلوبة حول ما يجري من أعمال شغب وتصويرها بأنها انتفاضة شاملة، ولاسيما أن الغرب يسيطر على تقنيات الاتصال الحديثة، بما في ذلك الوسائط الفضائية والافتراضية والتقليدية المسموعة والمرئية، حيث تُستخدم العمليات النفسية، التي تكون ترجمتها العملية نشر الأكاذيب والإيحاء بأن الغرب يعيش في الجنة وخصومه يعيشون في الجحيم، كأداة تعبيرية في الغرب.
وكي نأتي بأمثلة من أرض الواقع نرى أن هذه الإمبراطورية الإعلامية الضخمة تُخفي موت جورج فلويد، المواطن الأمريكي البريء، علی يد الشرطة، بعبارة “قوة الشرطة الضرورية”، وتقدِّم قصة مواطنة إيرانية محالة إلى مقر الشرطة على أنه ضحية عنف الشرطة وفوق ذلك ضحية الحكومة، وعلامة على انعدام الحرية في إيران، وهذه هي قصة هذا الإعلام التضليلي كل يوم، ليس مع إيران فحسب بل مع سورية وكل دولة لا تتماهى مع السياسات الغربية.
هذه إذاً إمبراطورية الغرب الإعلامية التي تفرض الرقابة على أنباء مقتل ما يقرب من مليون مواطن عراقي بسبب الحصار الظالم والحرب بينهم نساء وأطفال على أيدي جنرالات وضباط الجيش الأمريكي، وفي الوقت نفسه تعتبر تدمير سور السفارة الأميركية أو أسوار قواعدها في العراق عملاً إرهابياً!.

من هنا نستطيع معرفة أسباب أحداث الشغب التي شهدتها إيران في الأسابيع الأخيرة، فما هي حقيقتها؟
الإجابة عن السؤال لا تحتاج كثير عناء لفك أسرارها، فإذا راجعنا الإمبراطورية الإعلامية للغرب أو تصريحات كبار المسؤولين في معظم الدول الغربية؛ فسوف نرى في عرفهم أن إيران تشهد انتفاضةً شعبيةً واسعة النطاق، والحكومة منخرطة في قمع معارضيها، وستقضي هذه الانتفاضة علی الحكومة الحالية في نهاية المطاف.
وفي هذا السرد الغربي السائد، فقد احتل الملايين من الناس الساحات والشوارع والجامعات والمدارس، وانتفضت الحكومة ضدهم بكل قواها العسكرية!
وكي نتأكد أن ذاك مجرد تضليل، فإننا نسأل عن عجز وسائل الإعلام الغربية عن الإجابة على الكثير من الأسئلة: مثل كيف يمكن لإيران التي تنادي بالعدالة الاجتماعية، وثورتها الإسلامية مستمدة من هذا الجانب أن تواجه معارضة غالبية الشعب؟
وكيف انخرطت طهران كما يزعم الغرب في عمليات قتل جماعي في مواجهة المواطنين المحتجين وهي التي لم تسجن حتى قادة أعمال الشغب في عام 2009؟.. وإذا كانت الصورة كذلك تقول بأن هناك الملايين من المحتجين فلماذا لا تُذاع صورة هذه التجمعات المليونية؟
وإذا كانت الحكومة الإيرانية تواجه مظاهرات عفوية حاشدة للمعارضين، فلماذا نسمع كل ساعة إشادة الحكومات الغربية على أعلى مستوى بأحداث الشغب في إيران باستمرار ودعم أولئك المشاغبين؟
لا إجابات لدى الإعلام الغربي عن هذه الأسئلة المهمة، وبالتالي فإن الحقيقة الواضحة تؤكد أن ما يجري هو بترتيب استخباراتي غربي، وتؤكد التسريبات الموثقة أنه تمت إدارة أعمال الشغب الأخيرة في إيران من قبل مجموعة من الدول، ومجموعة من المنظمات الانفصالية الإيرانية التي تعيش في بعض الدول المجاورة وتقيم في أوروبا، ومجموعة من العناصر المدربة، وكانت بعض السفارات الأجنبية في إيران، مثل سفارات بريطانيا وفرنسا وألمانيا، تتواصل في مستوى معين مع المعارضين للحكومة الإيرانية على مدى العقدين الماضيين على الأقل، ولهذا السبب تم توجيه الاحتجاج لها رسميًا من قبل وزارة الخارجية الإيرانية.
ومن ناحية أخرى، يحاول الغرب إعداد وتجهيز وتشجيع مجموعة من الشباب الإيراني المعارض باستخدام قدرات الفضاء الافتراضي، وفي هذا الصدد هناك وثائق تكشف دور الغرب في هذه القضايا.

وفي هذا المشهد كان من الواضح وجود منظمات انفصالية إيرانية مثل بيجاك وباك وديموقراط وكومليه، ولجوءها إلى الأعمال المسلحة واغتيال المتظاهرين والشرطة، علاوةً على ذلك، وبالتزامن مع هذه القضية، فإن وقوع حادث في جنوب شرق إيران – مدينة زاهدان – وإطلاق النار من قبل عناصر متسللة بين المصلين في أحد المساجد في هذه المدينة، يشير إلى الدور النشط للجماعات الانفصالية في أعمال الشغب هذه، وكانت شبكات مثل “إيران إنترناشيونال” بارعة تمامًا في نشر الأكاذيب، وتمكنت عمليًا من جلب عدد قليل من الأشخاص إلى ساحات الشغب.
وفي عودة إلى الاضطرابات الأخيرة التي شهدتها طهران وبعض المدن الإيرانية، نجد أن سببها خلق الغموض حول وفاة “مهسا أميني”، وقد حاولت الإمبراطورية الإعلامية للغرب وصفها بـ “المقتولة المظلومة التي يجب الدفاع عنها”، رغم أن التقارير الوثائقية للطب الشرعي الإيراني، وفريق الأطباء المتخصصين المكون من 19 عضوًا، والتحقيقات المنفصلة التي أجراها البرلمان الإيراني، وكذلك الوثائق التي نشرها المستشفيان اللذان دخلتهما أميني، والأقوال الصريحة لوالدها، نفت كلها رواية القتل..
لقد تحرك المسؤولون الإيرانيون، بينهم رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئيس السلطة القضائية، بعد وفاة أميني وطالبوا بتحقيق مفصل حول ما حدث، وبناءً على ذلك، أعلن فريق التحقيق عدم تدخل الشرطة في وفاتها، كما أعلن فريق البرلمان بعد حوالي أسبوعين عن براءة الشرطة في وفاتها، ومع كل هذا ما زالت إمبراطورية التضليل الإعلامية الغربية تواصل بث أكاذيبها وتلفيقاتها حول ما يجري في إيران لإحداث البلبلة والفوضى الهدامة، كما فعلت ذات الشيء في أحداث “الربيع العربي” المزعوم في ليبيا وتونس ومصر وسورية واليمن وجرّت الخراب والإرهاب إلى ربوعها.

آخر الأخبار
وزير السياحة يشارك في مؤتمر “FMOVE”  التحول الرقمي في النقل: إجماع حكومي وخاص على مستقبل واعد  وزير النقل لـ"الثورة": "موف" منصة لتشبيك الأفكار الريادية وتحويلها لمشاريع      تنظيم شركات المعلوماتية السورية  ناشطو "أسطول الصمود" المحتجزين يبدؤون إضراباً جماعياً عن الطعام حوار مستفيض في اتحاد العمال لإصلاح قوانين العمل الحكومي مناقشات استراتيجية حول التمويل الزراعي في اجتماع المالية و"IFAD" الشرع يبحث مع باراك وكوبر دعم العملية السياسية وتعزيز الأمن والاستقرار العميد حمادة: استهداف "الأمن العام" بحلب يزعزع الاستقرار وينسف مصداقية "قسد" خطاب يبحث في الأردن تعزيز التعاون.. و وفد من "الداخلية" يشارك بمؤتمر في تونس حضور خافت يحتاج إلى إنصاف.. تحييد غير مقصود للنساء عن المشهد الانتخابي دعم جودة التعليم وتوزيع المنهاج الدراسي اتفاق على وقف شامل لإطلاق النار بكل المحاور شمال وشمال شرقي سوريا تمثيل المرأة المحدود .. نظرة قاصرة حول عدم مقدرتها لاتخاذ قرارات سياسية "الإغاثة الإسلامية" في سوريا.. التحول إلى التعافي والتنمية المستدامة تراكم القمامة في مخيم جرمانا.. واستجابة من مديرية النظافة مستقبل النقل الرقمي في سوريا.. بين الطموح والتحديات المجتمعية بعد سنوات من التهجير.. عودة الحياة إلى مدرسة شهداء سراقب اتفاقية لتأسيس "جامعة الصداقة التركية - السورية" في دمشق قريباً ليست مجرد أداة مالية.. القروض المصرفيّة رافعةٌ تنمويّةٌ