الدكتور جورج جبور
حدثان هما الأبرز في الساعات الأخيرة، الشهداء الخمسة وأسمهم الأوقع في النفس “عرين الأسود” ، ثم تولي السيد ريشي سوناك من أصول هندية زعامة حزب المحافظين في بريطانيا ثم رئاسة الحكومة.
ولكن إن عدنا إلى الخلف عقوداً طويلة لوجدنا أن كل تاريخ فلسطين، على الأقل منذ عام 1840، أو إذا اتهمنا بالمبالغة، نقول منذ عام 1917، يحكمه، جزئياً بنسب متفاوتة، عامل ديني، وهذا العامل متضمن بالانتداب البريطاني ووعد بلفور المشؤوم.
وارتباطاً بهذه البديهية فإن شهداء نابلس، بل شهداء “وحدة الساحات”، ذلك الشعار الواقعي الذي أطلقته غزة، إنما اغتالتهم المملكة المتحدة بدوافع سياسية واستعمارية ومن ضمنها الدافع الديني الواضح في وعد بلفور، والمؤكد عليه في “تجديد” وعد بلفور عام 2017.
بالأمس، وفي بيان صدر عن قصر باكنغهام، كلف الملك البريطاني تشارلز الثالث ريشي سوناك، الهندي الأصل، بتشكيل الحكومة الجديدة بعد أن قبل استقالة ليز تراس من منصبها كرئيسة للوزراء بعد مضي 49 يوماً فقط على توليها مهامها، وعين زعيم حزب المحافظين الجديد (سوناك) كثاني رئيس للوزراء في عهده.
وسوناك هندوسي ممارس، ولا يرتبط في تكوينه الديني بوعد بلفور وما يبطنه، ويرى الكثير من الغربيين أن انتخابه فخر لمجتمع بريطاني بدا، عبر انتخابه، علمانياً مساوياً بين المواطنين، وهندوسيته تشجع التفكير في بعض ثوابت التفسير الديني، من هذه الثوابت ما يؤمن به كثيرون من البروتستانت عن وعد إلهي بعودة اليهود إلى فلسطين.
ولكن لندقق أكثر فسوناك عبّر عن تأييده للكيان الإسرائيلي في مناسبات عدة، وهذا الأمر يعرفه القاصي والداني، والسؤال: كيف سيكون رد فعله وقد علم باستشهاد أبطال عرين الأسود وهم يدافعون عن أرضهم وأهلهم وقضيتهم؟
هل سيذهب به إلى أصل القتل وهو “وعد بلفور”؟.. اعتقد لن يذهب به الأمر إلى ذلك اليوم، فهو منشغل بالأزمة الاقتصادية في بريطانيا عن التعمق في التاريخ، لكن العلمانية إذ يزداد توطدها في المملكة المتحدة عبر سوناك أو غيره فقد يكون لها أثر في إضعاف المستبطن الديني في وعد بلفور.
* الكاتب رئيس الرابطة السورية للأمم المتحدة وخبير لدى مجلس حقوق الإنسان في شؤون المتحدرين من أصل إفريقي في العالم 2002-2009.