ظافر أحمد أحمد:
أيّ تخيل لتفاقم أزمة تايوان بين الصين والولايات المتحدة، يحمل في تفاصيل تداعياته السياسية والاقتصادية توقف إنتاج أهم شركة في العالم لتصنيع الرقائق الإلكترونية، وبالتالي على سبيل المثال تتوقف شركة آبل عن تصنيع الآيفون حيث تعتمد أدق الرقائق المستوردة من تايوان، وتتوقف خطوط إنتاج أنواع عدّة من السيارات والأسلحة المتطورة وشتى الأجهزة الإلكترونية والكهربائية في أميركا وأوروبا ودول كثيرة.
إنّه سيناريو افتراضي الهدف منه تحديد سريع لمعرفة سبب الاهتمام الأميركي والغربي بتايوان التي تنتج حوالي 70% من حاجة الأسواق العالمية من الرقائق الإلكترونية، وينحصر فيها حتى الآن إنتاج بعض أنواع الرقائق فائقة التقدم التي لم تتمكن أيّ دولة في العالم من إنتاجها، وتدخل هذه الأنواع في صناعة الموبايلات وأجهزة الاتصالات والأسلحة والتجهيزات الطبية الأكثر تطوراً.
ولكن على الرغم من عدم وقوع حرب عسكرية من أجل تايوان حتى الآن فإنّ حرب الرقائق الإلكترونية مفتوحة على مصراعيها لدى إمبراطوريات الاقتصاد العالمي..، وتكفي متابعة إجراءات الولايات المتحدة تجاه أشباه الموصلات للتثبت من حرب حقيقية تمارسها في هذا الشأن بحق الصين أولاً والآخرين ثانياً.
فالولايات المتحدة تضيّق على شركاتها المتعاملة مع السوق الصينية في مجال تصدير الرقائق أو الاستثمار في الصين في تصنيع أشباه الموصلات، وتمنع الإعانات عنها إذا قامت بتوسيع أو تحديث مرافق تصنيع الرقائق المتقدمة داخل الصين.
وتعمل واشنطن على إنشاء معامل جديدة بهدف تصنيع الرقائق من شتى أنواعها خصوصاً رقائق فائقة التقدم، معتمدة على الخبرة التايوانية في هذا الشأن وسرّعت هجرة الكفاءات التايوانية إليها، وخلال افتتاح معمل جديد للشركة التايوانية الأهم في صناعة الرقائق في ولاية أريزونا مؤخراً أكد الرئيس الأميركي أنّ الإجراءات الأميركية تجاه الرقائق الالكترونية هي مسألة “أمن قومي” لاسيما في مواجهة الطموحات الصينية..).
وسبق للولايات المتحدة أن شنت حرباً اقتصادية على شركة هواوي الصينية وأثرت نسبياً عليها من خلال التضييق على وصولها إلى سوق الرقائق.
الصراع حول التحكم بسوق الرقائق الإلكترونية أحد سبل الصراع السياسي على القطبية العالمية، ولا يستهان بطموحات الصين المشروعة في هذا المجال خصوصاً أنّها تمتلك أندر المعادن المهمة لتصنيع الرقائق الإلكترونية وتسعى للاكتفاء الذاتي وتشكل وارداتها من الرقائق فاتورة باهظة سنوياً.
وتعمل الولايات المتحدة على تخصيص أكثر من 280 مليار دولار لتعزيز وتطوير هذه الصناعة في الولايات المتحدة، كي تكون هي المتحكم بسوق الرقائق الإكترونية إذ توجد قناعات اقتصادية بأنّ من يتحكم بهذا السوق سيتمكن من قيادة الاقتصاد العالمي، لذلك على أشباه الموصلات تستعر أشباه الحروب.