يروى أن ملكاً في قديم الزمان أراد اختيار مسؤولين لمملكته فلجأ إلى حكماء لمعرفة من يمكن الاعتماد عليه فعلاً وقولاً..
نصحه أحد الحكماء بوضع صخرة كبيرة وسط الطريق ومراقبة سلوك من يعبرون وما أكثرهم..
بعضهم مواطنون عاديون جداً أعاقت الصخرة عبورهم لكنهم التفوا من مكان آخر وهم يبربرون ..وكان بإمكانهم أن يحركوا الصخرة…لكنهم ألقوا اللوم على المملكة..
عبر عدد كبير وظلت السلبية نفسها فقط كلام ولوم دون فعل ما..
إلى أن جاءت مجموعة أخرى توقفت قليلاً ..شمر الرجال عن سواعدهم دون أن يلقوا اللوم على أحد وحركوا الصخرة من مكانها أبعدوها إلى مكان آمن بحيث لا تعود ثانية ..وانطلق الجميع إلى أعمالهم..دون أن ينتظروا جزاء أو شكورا من أحد…
هنا لست بصدد الدفاع عن مؤسسات حكومية أبداً ..لا ..إنما من كلمة حق يجب أن تقال ومن واقع نعرفه تماماً ..ثمة من امتهن الثرثرة الفارغة التي يظن أنه بممارستها…..إلخ
أعرف مئات الأشخاص لا يأتون وظائفهم أبداً إلا من باب رفع العتب وحتى لا تطالهم أي عقوبات لكنهم لم ولن يتورعوا أبداً عن الحديث عن ضالة رواتبهم.. المعزوفة جاهزة ..الراتب لا يكفي…نحن نحتاج أكثر من ذلك …وبالمقابل ثمة من يمضي يومه في عمله دون كلل أو ملل يعرف الكثير الكثير ولكنه يزينه بمعرفة أن واقعنا الاقتصادي محكوم بكثير من العوامل التي علينا أن نصبر قليلاً عليها ..وبغض النظر عن الكثير مما يقال ويروى عن الفساد ..لكن العمل هو الخلاص الوحيد للخروج من عنق المعاناة…
ترى ماذا لو أن المؤسسات المعنية أي مؤسسات أجرت مراجعات حقيقية لإنجازات الجميع لأدائهم وعلى الأقل حتى لمواظبتهم على الدوام ؟.
ثمة موازين ليست دقيقة في الكثير من الأحكام التي تعمم تساوي بين من يعمل ومن لا يعمل….واللافت في الأمر أننا جميعاً نتحدث عن القيم والعدالة وضرورة تطبيق العدالة الاجتماعية..
هل العدالة مثلاً أن تكون بمكان ما وخلال عام كامل لا تقدم فيه خدمة واحدة أبداً ..؟
هل العدالة أن أدفع ضريبة من عملي وجهدي الإضافي مثلاً تحسم لصالح النقابة التي ننتمي إليها أنا وأنت ..وأنت في المحصلة لا يحسم منك ليرة واحدة لأنه ليس لديك جهد إضافي ولكنك تأخذ من النقابة مثل ما آخذه بل أكثر..؟
أليس هذا سرقة ظاهرة واضحة ..؟ لا تقل لي : هذا تكافل اجتماعي ..لا ليس تكافلاً أبداً بل نوع من السرقة التي ترتضيها أنت لنفسك ..
صحيح أننا نعيش بالحد الأدنى وأدنى الأدنى من رواتبنا..ولكن قبل الثرثرة ماذا لو أننا نقوم بما يقابل الجزء الذي نأخذه ..
ألف ماذا وماذا …الصخرة التي نراها جميعاً دون أن نحرك ساكناً ..هي مسؤوليتنا جميعاً مؤسسات حكومية ومواطنين ولا أحد منا خارج المسؤولية..