الملحق الثقافي- محمد خالد الخصر:
تشهد الحالة الثقافية تراجعاً لا شبيه له في الآونة الأخيرة إلى حد تراجع البنية النقدية وسيطرة من لا يمتلكون شيئاً من مؤهلات النقد، كما أنهم لا يمتلكون قدرة على التمييز بين الأدب وما يشبهه أو ما لا يشبهه، وهذا جعل الكتاب ضعيفاً رديئاً لا قدرة نهائياً على التعامل معه.
ويسأل بعض المثقفين لماذا لا تدعم مؤسسات اقتصادية الكتاب ليحقق انتشاراً أكبر ؟؟ !!
.. ثمة أمر لابد من الإشارة إليه .. أي مؤسسة اقتصادية سوف تدرس الأمر بالنسبة لما ستفعله .. إذا كان على الأقل سيحقق ربحاً بسيطاً .. يمكن أن تقدم على ذلك .. وهذا ينطبق على مؤسسات النشر الخاصة والعامة في بعض الأحيان ..لأن المؤسسة بشكل طبيعي تبحث عن صالحها، وحقها بالنجاح والربح.
وفي الوقت الحالي هناك انهيار ليس قليلاً في أي حال ثقافي فالشعر بحجة الحداثة فقد كامل شعبيته وقيمته ولا يقدم إلا صاحب مصلحة على شراء نسخة شعرية مالم تكن تخصه .. وأصبح كل من يخطر على باله أن يصبح ناقداً يختار عنواناً مضحكاً غريباً فنراه في الأسواق مثل ( البنية السردية في الأنطولوجيا الحديثة .. والقيمة الفنية للشعر البيولوجي .. وغير ذلك ) .. وعندما نبدأ بقراءة كتاب نقدي نجد المؤلف يعرض شرحاً خاصاً وذاتياً ودبلوماسياً ( لاستفادة متباينة مادية وغير ذلك ) .. وأصبح صاحب أي كتاب بشكل ميتافيزيقي قادراً على نشر كتابه .. فليس من مصلحة المؤسسة أو الجهة أن تتبنى أي وسيلة ضارة .. وأهم ما يمكن أن يكون .. تشكل لجنة ثقافية تحيل على القضاء من لا يفهم بالشعر وينشر كتاباً بالنقد، مثال على ذلك أحد الأشخاص الذي كرم كثيراً وينتقل من إعلام لآخر .. ولا يفرق بين تفعيلة وأخرى وبين ضم وكسر .. ويسمى بالناقد .. وهكذا يكون الدعم التآمري على ثقافتنا .. وليس هذا فحسب .. عندما يقدم مثقف شجاع على كتابة نقد أو تلميح تقوم الدنيا ولاتقعد حوله، وقد تكبر وتكثر المؤامرات حوله .. فلا حل مالم يقال هؤلاء وتسترد عافية الأدب .. وتنتهي المصطلحات الغربية نهائياً وتقليدها اللامنطقي .. فمن يمنع الأديب من تسمية ( الهايكو) بأدب وجيز .. أي معنى لا يقارن ولا يصل إلى حقيقة ثقافية .. لأن الثقافة قيمة.
وما أريد أن أصل إليه هو رفع مستوى الثقافة بكل أشكالها، وأعتقد أن المؤسسات من مصلحتها أن تستفيد وإلا بقاء الوضع هكذا هو مشكلة كبرى، وأذكر أيضاً ناقداً ألقى قصيدة لنزار قباني خلعها من جذورها كسراً .. وآخر استشهد بالمتنبي وهو منتشر جداً فقلت لرئيس أحد فروع اتحاد الكتاب العرب : ما باله خرب الدنيا .. فقال لي : ( هاد على طول هيك ) .
ومع ذلك أتمنى على أغلب المؤسسات القادرة على دعم الثقافة أن تبادر مستعينة بمن يدعم المنظومة الصحيحة .. لأن الثقافة قوة وطن .. وعودة الصحيح شرف كبير .. حتى لو كان هناك من لا يهمهم الشرف.
العدد 1118 – 1-11-2022