ندوتان سياسيتان حول وعد بلفور واللقاء الفلسطيني في الجزائر.. المشاركون: العدو الإسرائيلي لا يفهم إلا لغة المقاومة
الثورة- متابعة لميس عودة:
أقامت اللجنة الشعبية العربية السورية لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومة المشروع الصهيوني بالتعاون مع مؤسسة القدس الدولية – سورية وفصائل المقاومة الفلسطينية في مقر اللجنة بدمشق ندوتين فكريتين, الأولى بعنوان: “وعد بلفور وبداية الاستعمار الصهيوني لفلسطين”, والثانية بعنوان: “اللقاء القيادي الفلسطيني في الجزائر وماذا بعد؟”.
بداية تحدث المستشار رشيد موعد عن ذكرى مرور قرن وخمسة أعوام على وعد بلفور الذي تم بموجبه زرع الكيان الصهيوني بؤرة إرهابية وخنجراً مسموماً في قلب المنطقة العربية.
وتطرق الموعد إلى بدايات فكرة إنشاء وطن قومي للصهاينة، موضحاً أن اليهود لم يندمجوا في أي من الدول الغربية التي سكنوها ووفدوا إليها وكانوا دائماً مصدر قلق للساسة الأوربيين تخوفاً منهم ومن تنامي النفوذ المالي والاقتصادي للكثيرين من رأسماليهم، وبقي العامة منهم في “غيتوات” منفصلة يناصبون العداء والكره للآخرين، مشيرا الى أن هذا الوضع هو ما استغله وبنى على أساسه كبار منظري الصهيونية ورجال الأعمال المتنفذين منهم وبدأت تتبدى غاياتهم وأطماعهم بالترويج لحل يكون فيه مصلحتهم ويستطيعون فيه الحصول على الدعم من الدول الأوروبية التي كانت ترى في الوجود اليهودي على أراضيها عامل عدم أمان وعدم ثقة وقنبلة موقوتة قابلة للانفجار بأي لحظة.
مؤتمرات الحركة الصهيونية والتآمر البريطاني
وأوضح موعد أنه في عام 1896 قام تيودور هرتزل باقتراح حل للمشكلة في كتابه “دولة اليهود” إذ اقترح تأسيس وطن قومي لليهود في الأرجنتين أو فلسطين، أما المكان فلم يكن له أي أهمية في نظر هرتزل الذي كان أمام أن يختار مقراً لشركته الاستعمارية ذات الامتياز وجنين الدولة المقبلة بين الأرجنتين وفقاً لاقتراح البارون اليهودي هيرش وبين أوغندا التي اقترحتها بريطانيا، غير أن هرتزل فكر بإعطاء فلسطين الأفضلية بين الأراضي المرشحة لغرس الكيان الصهيوني فيها بناء على التعاليم التلمودية لاجتذاب “عشاق صهيون”.
وأضاف انه تم عقد أول مؤتمر للحركة الصهيونية عام 1897 في سويسرا حين أوصى «برنامج بازل» استعمار فلسطين العالمية وتواصلت مساعي الحركة الصهيونية للحصول على وعود من الدول الاستعمارية الكبرى بإنشاء وطن قومي لهم حتى كان لهم ذلك في 2 تشرين الثاني 1917 حين قامت الحكومة البريطانية بإصدار “وعد بلفور” في هيئة رسالة من وزير خارجيتها جيمس آرثر بلفور إلى زعيم الحركة الصهيونية وتعهد فيها وزير الخارجية بأن تقوم حكومة مملكة بريطانيا بالعمل بأفضل ما يمكنها من أجل تحقيق هدف تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين.
وتابع المستشار موعد إنه بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى في 1918 بدأ اليهود بالهجرة إلى فلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني وفق قرارات عصبة الأمم، ووفق وعد بلفور وشروط الانتداب قامت سلطة الانتداب بتيسير هجرة اليهود بهدف تأسيس وطن قومي في فلسطين بدأ معها بشكل واسع و ضخم إنشاء مشروعات زراعية و اقتصادية تقوم بها الحركة الصهيونية خلال فترة الانتداب في فلسطين لحساب المستوطنين الجدد كما ازدادت الهجرة اليهودية إلى فلسطين وفي الوقت نفسه شهد العالم تأسيس عدد كبير من الأحزاب والجمعيات اليهودية في أوروبا و العالم وجميعها تنضم تحت أفكار تنظيم الحركة الصهيونية، وقد هاجر بعض زعماء تلك الأحزاب إلى فلسطين حيث قاموا بتأسيس الأحزاب المختلفة.
وأوضح المستشار موعد أنه في بريطانيا رتّب المنظر الصهيوني تيودور هرتزل لقاء مع آرثر بلفورعام 1905 ومن هناك انطلقت عملية تأمين غطاء لشرعنة المشروع الصهيوني دولياً, لافتاً الى ان لويد جورج رئيس الحكومة البريطانية كان الأكثر شغفاً بالمشروع الصهيوني وأشد حماسةً له من بلفور فكان التصريح الذي صدر في الثاني من تشرين الثاني 1917 بمنح اليهود وطنا قومياً في فلسطين.
وأشار إلى انه لتحقيق ذلك اتخذت بريطانيا عدة خطوات وعلى عدة مستويات كان أهمها: عزل فلسطين عن محيطها بوضع حاجز بشري مختلف في الدين والقومية والانتماء باستجلابها العمالة اليهودية والسماح للوكالة اليهودية بشراء الأراضي وبناء مستوطنات في المناطق المهمة وتدريب كوادر عسكرية يهودية في الجيش البريطاني في المستعمرات البريطانية وخصوصاً الهند- وكذلك تسليح التجمعات اليهودية بعتاد ثقيل بذريعة حماية الممتلكات- بالإضافة إلى كسب تأييد الدول الكبرى سواء بالضغط عليها أو بالتنازل لها عن بعض المستعمرات البريطانية.
ومع كل هذه الخطوات التي اتخذتها بريطانيا لمنح فلسطين للصهاينة بالمجان جاء وعد بلفور الذي يعتبر الحلقة الأولى المعلنة من قبل بريطانيا في بلورة وتكريس الاحتلال الصهيوني.
سورية درع المقاومة الحصين
وأكد المستشار موعد أن ما يجري في سورية اليوم والحرب المعلنة عليها تقف وراءه “إسرائيل” ودول التآمر والهيمنة العالمية الاستعمارية، لكون سورية هي درع المقاومة الحصين ضد “إسرائيل” الكيان العنصري الغاصب، ولصمودها في وجه مشاريع ومخططات الاحتلال، لافتاً إلى أن التآمر على سورية هو لاستهداف محور المقاومة في المنطقة الذي أثبت ومازال أنه قادر على التصدي لكل المخططات المشبوهة، ومستمر في مواجهة ما يحاك للمنطقة من مشاريع تستهدف تفتيتها والمستمرة منذ وعد بلفور المشؤوم إلى يومنا هذا.
وعد بلفور باطل ولا أثر قانوني له
وختم المستشار موعد بأن وعد بلفور لا أثر ولا قيمة قانونية له لأنه وعد ممن لا يملك لمن لا يستحق، ولأن بريطانيا لم تكن حينها تملك أي صفة تخولها لمنح فلسطين للصهاينة من دون الرجوع لأصحابها الحقيقيين, وان تصريح بلفور لا يعدو كونه تصريحا سياسيا لأن ما بني على باطل فهو باطل حسب القواعد القانونية الدولية وأنه يتنافى مع قوانين الشرعية الدولية.
اللقاء القيادي الفلسطيني في الجزائر.. وماذا بعد؟
الحصان: خط ونهج المقاومة الأكثر صوابية
في الندوة الثانية تطرق المهندس كمال الحصان عضو القيادة العامة لمنظمة الصاعقة للقاء الوطني الذي استضافته دولة الجزائر الشقيقة للم الشمل ووحدة الصف الفلسطيني ومواجهة العصف الهمجي والهجمة الصهيونية المسعورة التي تستهدف الوجود الفلسطيني ككل والتي تزداد شراسة في ظل تشرذم فصائل وقوى المقاومة الفلسطينية .
وثمن الحصان رعاية الجزائر قيادة وشعبا على جهودهم الكبيرة لرأب الصدوع في الخطوط والتوجهات السياسية للالتقاء على ضفاف الوطنية الخالصة، وما يخدم تطلعات وآمال الفلسطينيين في التحرر من نير الاحتلال، ونسف مخططات العدو لشق الصف الفلسطيني واستغلاله الانقسامات الحاصلة.
وأوضح الحصان أن خط ونهج المقاومة هو الخط الأكثر صوابية والأكثر نجاعة للوصول لاستعادة الحقوق المغتصبة وتحرير الارض السليبة وردع المحتلين عن ممارساتهم الإجرامية بحق الشعب الفلسطيني والتصدي لمخططات توسيع الاستيطان واستهداف القدس ومحاولات طمس هويتها العربية والإسلامية التاريخية وتشويه معالمها.
دمشق اليقين والبوصلة
وأشار الحصان إلى أن سورية هي قلعة الصمود والشموخ والعزة العربية المتعالية على جراح الغدر والحاضنة للعرب, وانها اليقين والبوصلة وأولى المؤسسين للجامعة العربية التي عليها تصحيح أخطائها وتكفير خطيئتها بتجميد عضوية سورية, متابعا انه لا علو ولا ارتقاء للأمة العربية إذا اقتلعت قلبها النابض.
وأكد انه لا يمكننا الحديث عن فلسطين من دون ذكر وقفات العزة والكرامة المشرفة لسورية والتوجه بأسمى آيات العرفان والامتنان للسيد الرئيس بشار الأسد على كل ما أولاه ويوليه من اهتمام ورعاية كبيرين للقضية الفلسطينية، ورغم كل ما تعرضت له سورية من حرب إرهابية شرسة فإنها لم تتخلَ يوماً عن ثوابتها الوطنية والقومية وفي مقدمتها فلسطين القضية المركزية لكل أحرار وشرفاء العالم, مضيفاً إن لسورية الفضل الأكبر والأثر الذي لا يمحى من التاريخ النضالي الفلسطيني, فعلى ترابها غزلت المقاومة الفلسطينية بكل فصائلها راياتها، وعلى تراب سورية تشابكت أيادي مقاوميها وقوي عضدهم فأوجعوا العدو الصهيوني في عقر إرهابه.
مصطفى: العدو الصهيوني لا يفهم إلا لغة المقاومة
هذا وشهدت الندوتان عدداً من المداخلات من السادة الحضور حيث أكد رامز مصطفى رئيس الدائرة السياسية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة أهمية رص الصف الفلسطيني لمواجهة التحديات الرامية لتصفية القضية الفلسطينية، والتيقن أن العدو الصهيوني الغاشم لا يفهم إلا لغة المقاومة، وأن نهج المفاوضات ومبادرات السلام أثبتت فشلها وعدم جدواها، فالعدو طامع للتوسع العدواني وسلب الحقوق واغتصاب المزيد من الأراضي، مضيفاً إن الدور السوري في لم الشمل الفلسطيني هو الدور التاريخي الراسخ المتين والمستمر حتى تحقيق المنشود بتحرير الأرض واستعادة الحقوق.
الدكتور جبور: فضح ممارسات الاحتلال وفضح بطلان وعد بلفور
الدكتور الأستاذ جورج جبور أكد من جانبه أنه يقع على عاتق المنظمات الحقوقية والقانونية العربية مسؤولية فضح زيف تصريح بلفور الذي تم الموافقة عليه شفهياً من بريطانيا ولا يوجد وثائق رسمية، وذلك في كل المحافل القانونية الدولية، كما أنه يقع على عاتق الحراكات الشعبية الفلسطينية والعربية أن تقوم بدورها أيضاً في فضح ممارسات الاحتلال وفضح بطلان وعد بلفور, لافتاً إلى أنه في الذكرى المئوية لوعد بلفور عام 2017 استطاعت مبادرة قام بها فلسطينيو الشتات وعرب ومناصرون للقضية الفلسطينية بتوقيع عريضة مليونية قدمت لبريطانيا، هذه العريضة المليونية جعلت بريطانيا تقدم توضيحاً نشرته الصحف السورية واللبنانية أن في وعد بلفور هناك إغفال تام لحقوق الفلسطينيين ما يعد اعترافاً صريحاً بالجريمة البريطانية المرتكبة وبالغبن الذي وقع على الفلسطينيين.
حضر المحاضرة رئيس اللجنة الشعبية العربية السورية لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومة المشروع الصهيوني الدكتور صابر فلحوط والمدير العام لمؤسسة القدس الدولية – سورية الدكتور خلف المفتاح ورئيس الرابطة السورية للأمم المتحدة الدكتور جورج جبور والدكتور محمد البحصيصي رئيس جمعية الصداقة السورية الإيرانية وعدد من قادة وممثلي الفصائل الفلسطينية ونخبة من الأساتذة الباحثين والمهتمين.